صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَتَجۡعَلُونَ رِزۡقَكُمۡ أَنَّكُمۡ تُكَذِّبُونَ} (82)

{ وتجعلون رزقكم } شكر رزقكم إذا مطرتم وسقيتم . { أنكم تكذبون } بكونه من الله تعالى ! فتقولون : مطرنا بنوء كذا ؛ وهو سقوط النجم في المغرب مع الفجر . أو وتجعلون شكركم لنعمة القرآن التكذيب له .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَتَجۡعَلُونَ رِزۡقَكُمۡ أَنَّكُمۡ تُكَذِّبُونَ} (82)

أتجعلون بدل الشكر على رِزقكم أنكم تكذّبونه ، فتضعون الكذب مكان الشكر !

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَتَجۡعَلُونَ رِزۡقَكُمۡ أَنَّكُمۡ تُكَذِّبُونَ} (82)

قوله تعالى : { وتجعلون رزقكم } حظكم ونصيبكم من القرآن ، { أنكم تكذبون } قال الحسن في هذه الآية : خسر عبد لا يكون حظه من كتاب الله إلا التكذيب به . وقال جماعة من المفسرين : معناه وتجعلون شكركم أنكم تكذبون . وقال الهيثم بن عدي : إن من لغة أزد شنوءة : ما رزق فلان ، بمعنى ما شكر ، وهذا في الاستسقاء بالأنواء ، وذلك أنهم كانوا يقولون إذا مطروا : مطرنا بنوء كذا ، ولا يرون ذلك من فضل الله تعالى ، فقيل لهم : أتجعلون رزقكم ، أي : شكركم بما رزقتم ، يعني شكر رزقكم التكذيب ، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه .

أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أنبأنا زاهر بن أحمد ، أنبأنا أبو إسحاق الهاشمي ، أنبأنا أبو مصعب عن مالك ، عن صالح بن كيسان ، عن عبيد الله ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، عن زيد ابن خالد الجهني قال : " صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على أثر سماء كانت من الليل ، فلما انصرف أقبل على الناس فقال : هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : قال : أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر ، فأما من قال : مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي ، وكافر بالكواكب ، وأما من قال : مطرنا بنوء كذا كذا ، فذلك كافر بي ومؤمن بالكواكب " . ورواه ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وزاد : فنزلت هذه الآية { فلا أقسم بمواقع النجوم } إلى قوله : { وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون } ( الواقعة- 82 ) .

أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أنبأنا عبد الغافر بن محمد ، أنبأنا محمد ابن عيسى الجلودي ، أنبأنا إبراهيم بن محمد بن سيفان ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثني محمد بن سلمة المرادي ، حدثنا عبد الله بن وهب عن عمرو ابن الحارث ، أنبأنا أبو يونس حدثه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما أنزل الله من السماء من بركة إلا أصبح فريق من الناس بها كافرين ، ينزل الله تعالى الغيث فيقولون : مطرنا بكوكب كذا وكذا " .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَتَجۡعَلُونَ رِزۡقَكُمۡ أَنَّكُمۡ تُكَذِّبُونَ} (82)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله:"وَتَجْعَلُونَ رِزقَكمْ أنّكُمْ تُكَذّبُونَ "يقول: وتجعلون شكر الله على رزقه إياكم التكذيب، وذلك كقول القائل لآخر: جعلت إحساني إليك إساءة منك إليّ، بمعنى: جعلت: شكر إحساني، أو ثواب إحساني إليك إساءة منك إليّ.

وقد ذُكر عن الهيثم بن عديّ: أن من لغة أزد شنوءة: ما رزق فلان: بمعنى ما شكر...

وقال آخرون: بل معنى ذلك: وتجعلون حظكم منه التكذيب...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{وتجعلون رزقكم أنكم تكذّبون} الله تعالى جعل هذا القرآن حياة للدين وقواما، والرزق حياة للأبدان وما به قوامها، فكذبوا الأمرين جميعا ما به حياة الدين وحياة الأبدان جميعا... {وتجعلون رزقكم} وهو هذا القرآن الذي خصكم به دون آبائكم، ورزقكم به ما لم يرزق آبائكم منه، ثم جعلتم تكذبون ذلك الرزق الذي خصصتم به ورزقتم...

تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :

... الرزق هاهنا بمعنى الهداية التي أعطاهم الله تعالى بالقرآن، فكأن الله تعالى لما أنزل القرآن، وبين لهم طريق الحق به فكذبوه وأنكروا، سمي بذلك البيان رزقا، وجعل تكذيبهم كفرانا لهذا الرزق...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

«تكذبون» وهو قولهم في القرآن: شعر وسحر وافتراء. وفي المطر: وهو من الأنواء، ولأنّ كل مكذب بالحق كاذب.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{وتجعلون رزقكم} أي حظكم ونصيبكم وجميع ما تنتفعون به من هذا الكتاب وهو نفعكم كله {أنكم تكذبون} أي توجدون حقيقة التكذيب في الماضي والحال، وتجددون ذلك في كل وقت به وبما أرشد إليه من الأمور الجليلة وهي كل ما هو أهل للتصديق به وتصفونه بالأوصاف المتناقضة، ومن ذلك ما أرشد إليه من أنه لا فاعل إلا الله تعالى فتقولون أنتم إذا أمطركم ما يرزقكم به: هذا بنوء كذا...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

(وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون).. فإذا التكذيب هو رزقكم الذي تحصلون عليه في حياتكم وتدخرونه لآخرتكم؟ وما أسوأه من رزق!...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

أفتجعلون رزقكم أنكم تكذبون، وهو تفريع على ما تضمنه الاستدلال بتكوين نسل الإنسان وخلق الحَب، والماء في المزن، والنار من أعواد الاقتداح، فإن في مجموع ذلك حصول مقومات الأقوات وهي رزق، والنسل رزق، يقال: رُزق فلان ولَداً، لأن الرزق يطلق على العطاء النافع...

وإذ كان التكذيب لا يصح أن يجعل رزقاً تعين بدلالة الاقتضاء تقدير محذوف يفيده الكلام فقدره المفسرون: شُكْر رزقكم، أو نحوه، أي تجعلون شكر الله على رزقه إياكم أن تكذبوا بقدرته على إعادة الحياة، لأنهم عدلوا عن شكر الله تعالى فيما أنعم به عليهم فاستنقصوا قدرته على إعادة الأجسام، ونسبوا الزرع لأنفسهم، وزعموا أن المطر تمطره النجوم المسماة بالأنواء...

.

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَتَجۡعَلُونَ رِزۡقَكُمۡ أَنَّكُمۡ تُكَذِّبُونَ} (82)

< وتجعلون رزقكم } شكر رزقكم فحذف الشكر { أنكم تكذبون } بسقيا الله اذا مطرتم وتقولون مطرنا بنوء كذا

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَتَجۡعَلُونَ رِزۡقَكُمۡ أَنَّكُمۡ تُكَذِّبُونَ} (82)

قوله تعالى : " وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون " قال ابن عباس : تجعلون شكركم التكذيب . وذكر الهيثم بن عدي :أن من لغة أزد شنوءة ما رزق فلان ؟ أي ما شكره . وإنما صلح أن يوضع اسم الرزق مكان شكره ؛ لأن شكر الرزق يقتضي الزيادة فيه فيكون الشكر رزقا على هذا المعنى . فقيل : " وتجعلون رزقكم " أي شكر رزقكم الذي لو وجد منكم لعاد رزقا لكم " أنكم تكذبون " بالرزق أن تضعوا الرزق مكان الشكر ، كقوله تعالى : " وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية{[14680]} " [ الأنفال : 35 ] أي لم يكونوا يصلون ولكنهم كانوا يصفرون ويصفقون مكان الصلاة . ففيه بيان أن ما أصاب العباد من خير فلا ينبغي أن يروه من قبل الوسائط التي جرت العادة بأن تكن أسباب ، بل ينبغي أن يروه من قبل الله تعالى ، ثم يقابلونه بشكر إن كان نعمة ، أو صبر إن كان مكروها تعبدا له وتذللا . وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسم قرأ " وتجعلون بشكركم أنكم تكذبون " حقيقة . وعن ابن عباس أيضا : أن المراد به الاستسقاء بالأنواء ، وهو قول العرب : مطرنا بنوء كذا ، رواه علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم . وفي صحيح مسلم عن ابن عباس قال : مطر الناس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر قالوا : هذه رحمة الله وقال بعضهم : لقد صدق نوء كذا وكذا ، قال : فنزلت هذه الآية : " فلا أقسم بمواقع النجوم حتى بلغ وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون " .

وعنه أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في سفر فعطشوا فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أرأيتم أن دعوت الله لكم فسقيتم لعلكم تقولون هذا المطر بنوء كذا ) فقالوا يا رسول الله ما هذا بحين الأنواء . فصلى ركعتين ودعا ربه فهاجت ريح ثم هاجت سحابة فمطروا ، فمر النبي صلى الله عليه وسلم ومعه عصابة من أصحابه برجل يغترف بقدح له وهو يقول سقينا بنوء كذا ، ولم يقل هذا من رزق الله فنزلت : " وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون " أي شكركم لله على رزقه إياكم " أنكم تكذبون " بالنعمة وتقولون سقينا بنوء كذا ، كقولك : جعلت إحساني إليك إساءة منك إلي ، وجعلت إنعامي لديك أن اتخذتني عدوا . وفي الموطأ عن زيد بن خالد الجهني أنه قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء{[14681]} كانت من الليل ، فلما أنصرف أقبل على الناس وقال : ( أتدرون ماذا قال ربكم ) قالوا : الله ورسول أعلم ، قال : ( أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بالكوكب فأما من مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب ، وأما من قال مطرنا بنوء كذا فذلك بالكوكب كافر بي ) . قال الشافعي رحمه الله : لا أحب أحدا أن يقول مطرنا بنوء كذا وكذا ، وإن كان النوء عندنا الوقت المخلوق لا يضر ولا ينفع ، ولا يمطر ولا يحبس شيئا من المطر ، والذي أحب أن يقول : مطرنا وقت كذا كما تقول مطرنا شهر كذا ، ومن قال : مطرنا بنوء كذا ، وهو يريد أن النوء أنزل الماء ، كما عني بعض ، أهل الشرك من الجاهلية بقوله فهو كافر ، حلال دمه إن لم يتب . وقال أبو عمر بن عبدالبر : وأما قوله عليه الصلاة والسلام حاكيا عن اله سبحانه : ( أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر ) فمعناه عندي على وجهين : أما أحدهما فإن المعتقد بأن النوء هو الموجب لنزول الماء ، وهو المنشئ للسحاب دون الله عز وجل فذلك كافر كفرا صريحا{[14682]} يجب استتابته عليه وقتله إن أبى{[14683]} لنبذه الإسلام ورده القرآن . والوجه الآخر أن يعتقد أن النوء ينزل الله به الماء ، وأنه سبب الماء على ما قدره الله وسبق في علمه ، وهذا وإن كان وجها مباحا ، فإن فيه أيضا كفرا بنعمة الله عز وجل ، وجهلا بلطيف حكمته في أنه ينزل الماء متى شاء ، مرة بنوء كذا ، ومرة بنوء كذا ، وكثيرا ما ينوء النوء فلا ينزل معه شيء من الماء ، وذلك من الله تعالى لا من النوء . وكذلك كان أبو هريرة يقول إذا أصبح وقد مطر : مطرنا بنوء الفتح ، ثم يتلو : " ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها{[14684]} " [ فاطر : 2 ] قال أبو عمر : وهذا عندي نحو قول وسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مطرنا بفضل الله ورحمته ) . ومن هذا الباب قول عمر بن الخطاب للعباس بن عبد المطلب حين استسقى به : يا عم رسول الله صلى الله عليه وسلم كم بقي من نوء الثريا ؟ فقال العباس : العلماء يزعمون أنها تعترض في الأفق سبعا بعد سقوطها . فما مضت سابعة حتى مطروا ، فقال عمر : الحمد لله هذا بفضل الله ورحمته . وكأن عمر رحمه الله قد علم أن نوء الثريا وقت يُرْجى فيه المطر ويؤمل فسأله عنه أخرج أم بقيت منه بقية ؟

وروى سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أمية أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا في بعض أسفاره يقول : مطرنا ببعض عَثَانين الأسد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كذبت بل هو سقيا الله عز وجل ) قال سفيان : عَثَانين الأسد الذراع والجبهة . وقراءة العامة " تكذبون " من التكذيب . وقرأ المفضل عن عاصم ويحيى بن وثاب " تكذبون " بفتح التاء مخففا . ومعناه ما قدمناه من قول من قال : مطرنا بنوء كذا . وثبت من حديث أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ثلاث لن يزلن في أمتي التفاخر في الأحساب والنياحة والأنواء ) ولفظ مسلم في هذا ( أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن الفخر في الأحساب والطعن في الأنساب والاستسقاء بالنجوم والنياحة ) .


[14680]:راجع جـ 7 ص 400.
[14681]:على إثر سماء: أي بعد مطر. وفي "إثر" لغتان: كسر الهمزة وسكون الثاء وفتحهما.
[14682]:في ب: "صراحا".
[14683]:زيادة يقتضيها السياق.
[14684]:راجع جـ 14 ص 321.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَتَجۡعَلُونَ رِزۡقَكُمۡ أَنَّكُمۡ تُكَذِّبُونَ} (82)

ولما كان هذا القرآن متكفلاً بسعادة الدارين ، قال تعالى : { وتجعلون رزقكم } أي حظكم{[62285]} ونصيبكم وجميع ما تنتفعون به من هذا الكتاب وهو نفعكم كله { أنكم تكذبون * } أي توجدون حقيقة التكذيب في الماضي والحال ، وتجددون ذلك في كل وقت به وبما أرشد إليه من الأمور الجليلة{[62286]} وهي{[62287]} كل ما هو أهل للتصديق به وتصفونه بالأوصاف المتناقضة ، ومن ذلك ما أرشد إليه من أنه لا فاعل إلا الله تعالى فتقولون أنتم إذا أمطركم ما يرزقكم به : هذا بنوء كذا ، معتقدين تأثير ذلك النوء ، وإنما هو بالله تعالى ، فجعلتم جزاء الرزق وبذل الشكر على الرزق التكذيب ، وقال ابن برجان : وتجعلون رزقي إياكم من قرآن عظيم أنزلته ، وكلام عظيم نزلته ، ونور إيمان بينته ، وضياء يقين جليته ، وما أنزلته من السماء من بركات قدرتها ومن رياح أرسلتها ، وسحب ألفتها ، تجعلون مكان الشكر على ذلك التكذيب .


[62285]:- زيد من ظ.
[62286]:- في ظ: الجلية.
[62287]:- من ظ، وفي الأصل: هو
 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{وَتَجۡعَلُونَ رِزۡقَكُمۡ أَنَّكُمۡ تُكَذِّبُونَ} (82)

{ وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون }

{ وتجعلون رزقكم } من المطر ، أي شكره { أنكم تكذبون } بسقيا الله حيث قلتم مطرنا بنوه كذا .