الآية 82 [ وقوله تعالى : ]{[20510]} { وتجعلون رزقكم أنكم تكذّبون } الله تعالى جعل هذا القرآن حياة للدين وقواما ، والرزق حياة للأبدان وما به قوامها ، فكذبوا الأمرين جميعا ما به حياة الدين وحياة الأبدان جميعا .
ثم يخرج ما ذكر من تكذيب الرزق على وجوه :
أحدها : ما ذكر بعض الناس [ من ]{[20511]} أهل التأويل : إنهم كانوا يقولون : رزقنا بنوء كذا ؛ كانوا ينسبون الرزق [ إلى ]{[20512]} ذلك النوء . فهذا يرد{[20513]} على قول المنجمة : إن النجوم هي مدبرة العالم وأرزاقهم ، لا يجعلون لله في ذلك تدبيرا .
وأما من ينسب الرزق إلى الله تعالى ، ويقول : رزقنا الله تعالى بنوء كذا فليس في ذلك تكذبيه ، إنما يخرج ذكر النوء [ على ]{[20514]} ذكر سبب من الأسباب التي يرزق الله تعالى بها ، وكذلك من رأى الرزق من الأسباب خاصة .
وأما من يقول : رزقنا الله تعالى بسبب كذا فذلك جائز القول به .
[ والثاني : ما ]{[20515]} قال بعضهم : { وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون } أي تجعلون شكر الرزق التكذيب . وبه قال أبو عبيدة .
[ والثالث : ]{[20516]} جائز أن يكون تكذيبهم الرزق صرف تسمية الألوهية إلى غير الذي رزقهم والعبادة لغير المستحق لها ، والله أعلم .
وقال الحسن : { تجعلون رزقكم أنكم تكذبون } بئسما أجدّ القوم لأنفسهم حتى لم يرزقوا من كتاب الله تعالى إلا التكذيب ؛ يقول : صار حظكم من القرآن التكذيب ، ويجعل هذه الآية [ مع الآية الأولى ]{[20517]} : { أفبهذا الحديث أنتم مدهنون } .
وقال أبو بكر الأصم في هذه الآية : { وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون } : { وتجعلون رزقكم } وهو هذا القرآن الذي خصكم به دون آبائكم ، ورزقكم به ما لم يرزق آبائكم منه ، ثم جعلتم تكذبون ذلك الرزق الذي خصصتم به ، ورزقتم ، أو كلام من نحوه ، وهو كقوله تعالى : { وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم } [ الأنعام : 91 ] . وقال في قوله تعالى : { أفبهذا الحديث أنتم مدهنون } : هو الذي يري الموافقة ، ويحتال في دفع حجة ما يلزمه ، ويرد عليه ، أو كلام يشبه معناه هذا ، والله أعلم .
وقال أبو معاذ : مدهن ومداهن لغتان ، ثم أصل المداهنة من المخادعة ؛ يقال : داهنته ، وأدهنته ، ثم الفرق بين المداهنة والمداراة . كأن المداهنة لطمع له فيه : يخادعه حتى يصل إلى ما يطمع ، والمداراة الشفقة ، يداريه إشفاقا عليه ليتحقق عنده الحق ، ليسلم له ، وإلا هما في الظاهر واحد ، وهما الملاينة وخفض الجناح . لكن الفرق بينهما ما ذكرنا ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.