فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَتَجۡعَلُونَ رِزۡقَكُمۡ أَنَّكُمۡ تُكَذِّبُونَ} (82)

{ وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون ( 82 ) } .

وتجعلون شكر رزق الله إياكم التكذيب بالنعمة ، أي تضعون الكذب مكان الشكر .

أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن زيد بن خالد الجهني قال : صل بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح بالحديبية في إثر سماء{[6267]} كانت من الليل ، فلما سلم أقبل علينا فقال : " هل تدرون ما قال ربكم في هذه الليلة " ؟ قالوا الله ورسوله أعلم ؛ فقال : ( قال ما أنعمت على عبادي نعمة إلا أصبح فريق منهم بها كافرون فأما من آمن بي وحمدني على سقياي فذلك الذي آمن بي وكفر بالكوكب وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك الذي آمن بالكوكب وكفر بى ) ومن رواية مالك عنه في الموطأ : ( . . أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر . . . ) ، وقال أبو عمر بن عبد البر : وأما قوله عليه الصلاة والسلام حاكيا عن الله سبحانه : ( أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر ) فمعناه عندي على وجهين : أما أحدهما فإن المعتقد بأن النوء هو الموجب لنزول الماء ، وهو المنشئ للسحاب دون الله عز وجل فذلك كافر كفرا صريحا يجب استتابته عليه ، وقتله إن أبى لنبذه الإسلام ورده القرآن ؛ والوجه الآخر أن يعتقد أن النوء ينزل الله به الماء ، وأنه سبب الماء على ما قدره الله وسبق في علمه ، وهذا وإن كان وجها مباحا ، فإن فيه أيضا كفرا بنعمة الله عز وجل ، وجهلا بلطيف حكمته في أنه ينزل الماء متى شاء . . اه .

[ وهذا وقيل : معنى الآية : وتجعلون شكركم – لنعمة القرآن- أنكم تكذبون به . . . ]{[6268]} .


[6267]:- بعد مطر.
[6268]:- ما بين العارضتين مما أورده الألوسي.