صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَشَاهِدٖ وَمَشۡهُودٖ} (3)

{ وشاهد ومشهود } من يحضر ذلك اليوم من الخلائق المبعوثين . وما يحضر فيه من الأهوال والعجائب ؛ من الشهادة بمعنى الحضور . أو من يشهد في ذلك اليوم على غيره ، ومن يشهد عليه فيه ؛ من الشهادة على الخصم ، أوله . أقسم الله بالسماء ذات البروج لما فيها من الدلالة على القدرة . وبيوم القيامة وما فيه تعظيما له ، وإرهابا لمنكريه .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَشَاهِدٖ وَمَشۡهُودٖ} (3)

شاهد ومشهود : جميع ما خلق الله في هذا العالم .

وبجميع ما خلق اللهُ في هذا الكون العجيب ، مما يشهده الناس ويرونه رأيَ العين . وبهذا يوجه الله تعالى أنظارنا إلى ما في هذا الكون الواسع الكبير من العظمة والفخامة والحكمة ، لنعتبر ونتعظ ، ونعلم أن الله الذي خلق هذا الكون هو الذي يستحق أن يعبد .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَشَاهِدٖ وَمَشۡهُودٖ} (3)

شرح الكلمات :

{ وشاهد } : أي يوم الجمعة .

{ ومشهود } : أي يوم عرفة .

المعنى :

والشاهد وهو يوم الجمعة وبالمشهود وهو يوم عرفة وجواب القسم أو المقسم عليه محذوف قد يكون تقديره لتبعثن ثم لتنبؤن لأن السورة مكية والسور المكية تعالج العقيدة بأنواعها الثلاثة التوحيد والنبوّة والبعث والجزاء ، وجائز أن يكون الجواب قتل بتقدير اللام وقد نحو لقد قتل .

/ذ1

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَشَاهِدٖ وَمَشۡهُودٖ} (3)

{ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ } وشمل هذا كل من اتصف بهذا الوصف أي : مبصر ومبصر ، وحاضر ومحضور ، وراء ومرئي .

والمقسم عليه ، ما تضمنه هذا القسم من آيات الله الباهرة ، وحكمه الظاهرة ، ورحمته الواسعة .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَشَاهِدٖ وَمَشۡهُودٖ} (3)

" وشاهد ومشهود " اختلف فيهما . فقال علي وابن عباس وابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهم : الشاهد يوم الجمعة ، والمشهود يوم عرفة . وهو قول الحسن . ورواه أبو هريرة مرفوعا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اليوم الموعود يوم القيامة واليوم المشهود يوم عرفة والشاهد يوم الجمعة . . . ) خرجه أبو عيسى الترمذي في جامعه ، وقال : هذا حديت [ حسن ]{[15887]} غريب ، لا نعرفه إلا من حديث موسى بن عبيدة ، وموسى بن عبيدة يضعف في الحديث ، ضعفه يحيى بن سعيد وغيره . وقد روى شعبة وسفيان الثوري وغير واحد من الأئمة عنه . قال القشيري فيوم الجمعة يشهد على كل عامل بما عمل فيه .

قلت : وكذلك سائر الأيام والليالي ، فكل يوم شاهد ، وكذا كل ليلة ، ودليله ما رواه أبو نعيم الحافظ عن معاوية بن قرة عن معقل بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليس من يوم يأتي على العبد إلا ينادي فيه : يا ابن آدم ، أنا خلق جديد ، وأنا فيما تعمل عليك شهيد ، فاعمل في خيرا أشهد لك به غد ، فإني لو قد مضيت لم ترني أبدا ، ويقول الليل مثل ذلك ) . حديث غريب من حديث معاوية ، تفرد به عنه زيد العمري ، ولا أعلمه مرفوعا . عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد . وحكى القشيري عن ابن عمر وابن الزبير أن الشاهد يوم الأضحى . وقال سعيد بن المسيب : الشاهد : التروية ، والمشهود : يوم عرفة . وروى إسرائيل عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه : الشاهد يوم عرفة ، والمشهود يوم النحر . وقاله النخعي . وعن علي أيضا : المشهود يوم عرفة . وقال ابن عباس والحسين بن علي رضي الله عنهما : المشهود يوم القيامة ؛ لقوله تعالى : " ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود{[15888]} " [ هود : 103 ] .

قلت : وعلى هذا اختلفت أقوال العلماء في الشاهد ، فقيل : الله تعالى . عن ابن عباس والحسن وسعيد - بن جبير . بيانه : " وكفى بالله شهيدا " {[15889]} [ النساء : 79 ] ، " قل أي شيء أكبر شهادة ؟ قل الله شهيد{[15890]} بيني وبينكم " [ الأنعام : 19 ] . وقيل : محمد صلى الله عليه وسلم . عن ابن عباس أيضا والحسين ابن علي ، وقرأ ابن عباس " فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا{[15891]} " [ النساء : 41 ] ، وقرأ الحسين " يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا " [ الأحزاب : 45 ] .

قلت : وأقرأ أنا " ويكون الرسول عليكم شهيدا " . وقيل : الأنبياء يشهدون على أممهم ؛ لقوله تعالى : " فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد{[15892]} " [ النساء : 41 ] . وقيل : آدم . وقيل : عيسى بن مريم ؛ لقوله : " وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم " {[15893]} [ المائدة : 117 ] . والمشهود : أمته . وعن ابن عباس أيضا ومحمد بن كعب : الشاهد الإنسان . دليله : " كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا " [ الإسراء : 14 ] . مقاتل : أعضاؤه . بيانه : " يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون{[15894]} " [ النور : 24 ] . الحسين بن الفضل : الشاهد هذه الأمة ، والمشهود سائر الأمم . بيانه : " وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس " [ البقرة : 143 ] . وقيل : الشاهد : الحفظة ، والمشهود : بنو آدم . وقيل : الليالي والأيام . وقد بيناه .

قلت : وقد يشهد المال على صاحبه ، والأرض بما عمل عليها ، ففي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن هذا المال خضر حلو ، ونعم صاحب المسلم هو لمن أعطى منه المسكين واليتيم وابن السبيل - أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - وإنه من يأخذه بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع ويكون عليه شهيدا يوم القيامة ) . وفي الترمذي عن أبي هريرة قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : " يومئذ تحدث أخبارها " [ الزلزلة : 4 ] قال : ( أتدرون ما أخبارها ) ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : ( فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها ، تقول عمل يوم كذا كذا كذا وكذا . قال : فهذه أخبارها ) . قال حديث حسن غريب صحيح . وقيل : الشاهد الخلق ، شهدوا لله عز وجل بالوحدانية . والمشهود له بالتوحيد هو الله تعالى . وقيل : المشهود يوم الجمعة ، كما روى أبو الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة فإنه يوم مشهود تشهده الملائكة . . . ) وذكر الحديث . خرجه ابن ماجه وغيره .

قلت : فعلى هذا يوم عرفة مشهود ، لأن الملائكة تشهده ، وتنزل فيه بالرحمة{[15895]} . وكذا يوم النحر إن شاء الله . وقال أبو بكر العطار : الشاهد الحجر الأسود ، يشهد لمن لمسه بصدق وإخلاص ويقين . والمشهود الحاج . وقيل : الشاهد الأنبياء ، والمشهود محمد صلى الله عليه وسلم ، بيانه : " وإذا أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة " إلى قوله تعالى " وأنا معكم من الشاهدين " [ آل عمران : 81 ] .


[15887]:الزيادة من صحيح الترمذي.
[15888]:راجع جـ 9 ص 96.
[15889]:راجع جـ 5 ص 287، 197.
[15890]:راجع جـ 6 ص 399.
[15891]:راجع جـ 14 ص 199.
[15892]:راجع جـ 5 ص 287، 197.
[15893]:راجع جـ 2 ص 153.
[15894]:راجع جـ 6 ص 376.
[15895]:راجع جـ 4 ص 124.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَشَاهِدٖ وَمَشۡهُودٖ} (3)

ولما كان الجمع لأجل العرض ، وكان العرض لا بد فيه من شهود ومشهود عليهم وجدال على عهود ، قال منكّراً للإبهام للتعظيم والتعميم مثل { علمت نفس ما أحضرت } [ التكوير :14 ] : { وشاهد } أي كريم من الأولياء { ومشهود * } أي في نفسه من الأعيان والآثار الهائلة ، أو عليه فإنه يوم-{[72472]} تشهده جميع الخلائق ، ويحضر فيه من العجائب أمور يكل عنها الوصف ، ويحضره الأنبياء الشاهدون وأممهم المشهود عليهم ، ولا تبقى صغيرة من الأعمال ولا كبيرة إلاّ أحصيت ، وفي ذلك أشد وعيد لجميع العبيد .


[72472]:زيد من ظ و م.