أما الشاهد والمشهود فأقوال المفسرين فيهما كثيرة ، وقد ضبطها القفال بأن اشتقاقهما إما من الشهود الحضور ، وإما من الشهادة والصلة محذوفة أي مشهود عليه أو به . والاحتمال الأول فيه وجوه الأول : وهو مروي عن ابن عباس والضحاك ومجاهد والحسن بن عليّ وابن المسيب والنخعي والثوري ، أن المشهود يوم القيامة والشاهد الجمع الذي يحضرون فيه من الملائكة والثقلين الأولين والآخرين لقوله { من مشهد يوم عظيم } [ مريم :37 ] { ذلك } { يوم مجموع له الناس } [ هود :103 ] قال جار الله : وطريق تنكيرهما ما مرّ في قوله
{ علمت نفس ما أحضرت } [ التكوير :14 ] كأنه قيل : وما أفرطت كثرته من شاهد ومشهود . ويجوز أن يكون للتعظيم أي شاهد ومشهود لا يكتنه وصفهما . وإنما حسن القسم بيوم القيامة لأنه يوم الفصل والجزاء وتفرد الله بالحكم والقضاء . الثاني وهو قول ابن عمر وابن الزبير أن المشهود يوم الجمعة وأن الشاهد الملائكة . روى أبو الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " أكثروا الصلاة عليّ يوم الجمعة فإنه يوم مشهود تشهده الملائكة " . الثالث أنّه يوم عرفة والشاهد من يحضره من الحجاج قال الله تعالى { يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم } [ الحج : 27 ] وحسن القسم به تعظيماً لأمر الحج . يروى أنه تعالى يقول للملائكة يوم عرفة " انظروا إلى عبادي شعثاً غبراً أتوني من كل فج عميق أشهدكم أني قد غفرت لهم وأن إبليس يصرخ ويضع التراب على رأسه لما يرى يف ذلك اليوم من نزول الرحمة " الرابع أنه يوم النحر لأن أهل الدنيا يحضرون في ذلك اليوم بمنى والمزدلفة . الخامس أنهما كل يوم فيه اجتماع عظيم للناس فيتناول الأقوال المذكورة كلها ، والدليل عليه تنكيرهما لأن القصد لم يكن فيه إلى يوم بعينه . والاحتمال الثاني فيه أيضاً وجوه أحدها : أن الشاهد هو الله تعالى والمشهود به هو التوحيد لقوله { شهد الله أنه لا إله إلا هو } [ آل عمران :18 ] وثانيها الشاهد هو الأنبياء والمشهود عليه النبي صلى الله عليه وسلم لقوله { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد }
[ النساء :41 ] وثالثها العكس لقوله { وجئنا بك على هؤلاء شهيداً } [ النساء :41 ] ورابعها الشاهد الحفظة والمشهود عليه المكلفون لقوله { وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد } [ ق :21 ] { وإن عليكم لحافظين }
[ الانفطار :11 ] وخامسها وهو قول عطاء الخراساني : الشاهد الجوارح والمشهود عليه الإنسان
{ يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم } [ النور :24 ] وسادسها الشاهد والمشهود عيسى وأمته كقوله
{ وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم } [ المائدة :117 ] وسابعها أمة محمد صلى الله عليه وسلم وسائر الأمم
{ وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس } [ البقرة :143 ] وثامنها قال الإمام في تفسيره : الشاهد جميع الممكنات والمشهود له واجب الوجود أخذاً من قول الأصوليين إنه استدلال بالشاهد على الغائب . وتاسعها الحجر الأسود والحجيج للحديث " الحجر الأسود يمين الله في أرضه يؤتى به يوم القيامة له عينان يبصر بهما يشهد على من زاره " أو لفظ هذا معناه . وعاشرها الأيام والليالي وأعمال بني آدم كما روي عن الحسن : ما من يوم إلا وينادي إني يوم جديد وإني على ما تعمل فيّ شهيد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.