{ يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان } أي يخرج من أحدهما وهو الملح : اللؤلؤ والمرجان المعروفان . وإنما قيل " منهما " لأنهما لما التقيا وصارا كالشيء الواحد جاز أن يقال يخرجان منهما ؛ كما يقال : يخرجان من البحر ، وهما يخرجان من جميعه ، ولكن من بعضه . كما تقول : خرجت من البلد ، وإنما خرجت من محلة من محلاته . وقد ينسب إلى الاثنين ما هو لواحد ؛ كما يسند إلى الجماعة ما صدر من أحدهم . والعرب تجمع الجنسين وتريد أحدهما ، وجاء على هذا الأسلوب قوله تعالى : " يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم " {[343]}وإنما الرسل من الإنس دون الجن . وقوله تعالى : " ألم تروا كيف خلق الله سبع سموات طباقا . وجعل القمر فيهن نورا " {[344]} والقمر في سماء الدنيا ؛ ولكنه أجمل ذكر السموات السبع ، فساغ أن يجعل ما في إحداهن فيهن .
اللؤلؤ : هو الدر المعروف المخلوق في الأصداف .
المرجان : نوع أحمر من حيوان البحر أيضا يُتخذ حلياً .
ومن البحر المالح والعذب يخرجُ اللؤلؤ والمرجان ، يتّخذ الناس منهما حِليةً يلبسونها .
قرأ الجمهور : يخرُج بفتح الياء وضم الراء . وقرأ نافع وأبو عمرو ويعقوب : يُخرَج بضم الياء وفتح الراء على البناء للمجهول .
قوله تعالى : " يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان " أي يخرج لكم من الماء اللؤلؤ والمرجان{[14534]} ، كما يخرج من التراب الحب والعصف والريحان . وقرأ نافع وأبو عمر " يخرج " بضم الياء وفتح الراء على الفعل المجهول . الباقون " يخرج " بفتح الياء وضم الراء على أن اللؤلؤ هو الفاعل . وقال : " منهما " وإنما يخرج من الملح لا العذب ؛ لأن العرب تجمع الجنسين ثم تخبر عن أحدهما ، كقوله تعالى : " يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم{[14535]} " [ الأنعام : 130 ] وإنما الرسل من الإنس دون الجن ، قاله الكلبي وغيره . قال الزجاج : قد ذكرهما الله فإذا خرج من أحدهما شيء فقد خرج منهما ، وهو كقوله تعالى : " ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا وجعل القمر فيهن نورا{[14536]} " [ نوح : 15 ] والقمر في سماء الدنيا ولكن أجمل ذكر السبع فكأن ما في إحداهن فيهن . وقال أبو علي الفارسي : هذا من باب حذف المضاف ، أي من احداهما ، كقوله : " على رجل من القريتين عظيم{[14537]} " [ الزخرف 31 ] أي من إحدى القريتين . وقال الأخفش سعيد : زعم قوم أنه يخرج اللؤلؤ من العذب . وقيل : هما بحران يخرج من أحدهما اللؤلؤ ومن الآخر المرجان . ابن عباس : هما بحرا السماء والأرض . فإذا وقع ماء السماء في صدف البحر انعقد لؤلؤا فصار خارجا منهما ، وقاله الطبري . قال الثعلبي : ولقد ذكر لي أن نواة كانت في جوف صدفة ، فأصابت القطرة بعض النواة ولم تصب البعض ، فكان حيث أصاب القطرة من النواة لؤلؤة وسائرها نواة . وقيل : إن العذب والملح قد يلتقيان ، فيكون العذب كاللقاح للملح ، فنسب إليهما كما ينسب الولد إلى الذكر والأنثى وإن ولدته الأنثى ، لذلك قيل : إنه لا يخرج اللؤلؤ إلا من وضع يلتقي فيه العذب والملح . وقيل : المرجان عظام اللؤلؤ وكباره ، قاله علي وابن عباس رضي الله عنهما . واللؤلؤ صغاره . وعنهما أيضا بالعكس : إن اللؤلؤ كبار اللؤلؤ والمرجان صغاره ، وقاله الضحاك وقتادة . وقال ابن مسعود وأبو مالك : المرجان الخرز الأحمر .
قوله : { يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان } اللؤلؤ معناه الدرّ . والمرجان ، صغار الدر{[4423]} . وكلا اللؤلؤ والمرجان من الجواهر الثمينة ، وهما مما يسخرج من الماء الملح وهو البحر . وقد ذكرهما على التثنية إذ قال : { منهما } ، لأنه يخرج من مجموعهما . فإذا وجد ذلك من أحدهما كفى . وذلك كقوله سبحانه : { يامعشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم } والرسل لم يبعثوا إلا من الإنس خاصة دون الجن .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.