نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{يَخۡرُجُ مِنۡهُمَا ٱللُّؤۡلُؤُ وَٱلۡمَرۡجَانُ} (22)

ولما ذكر المنة بالبحر ذكر النعمة بما ينبت فيه كما فعل بالبر ، فقال معبراً بالمبني للمفعول لأن كلاً من وجوده فيه والتسليط على إخراجه منه خارق من غير نظر إلى مخرج معين ، والنعمة نفس الخروج ، ولذلك قرأ غير{[61877]} نافع والبصريين بالبناء{[61878]} للفاعل من الخروج : { يخرج منهما } أي بمخالطة العذب الملح من غير واسطة أو بواسطة السحاب ، فصار ذلك كالذكر والأنثى ، قال الرازي : فيكون العذب العذب كاللقاح للملح ، وقال أبو حيان{[61879]} : قال الجمهور : إنما يخرج من الأجاج في المواضع التي يقع فيها الأنهار والمياه العذبة فناسب إسناد ذلك إليهما ، وهذا مشهور عند الغواصين ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما وعكرمة مولاه رضي الله عنه : تكون هذه الأشياء في البحر بنزول المطر لأن الصدف وغيرها تفتح أفواهها للمطر - انتهى .

فتكون الأصداف كالأرحام للنطف وماء البحر كالجسد الغاذي ، والدليل على أنه من ماء المطر كما قال الأستاذ حمزة الكرماني : إن من المشهور أن السنة إذا أجدبت هزلت الحيتان ، وقلت الأصداف والجواهر - انتهى . ثم لا شك في أنهما وإن كانا بحرين فقد جمعهما وصف واحد بكونهما ماء{[61880]} ، فيسوغ إسناد الخروج إليهما كما يسند خروج الإنسان إلى جميع البلد ، وإنما خرج من دار منها كما نسب الرسل إلى الجن والإنس بجمعهما في خطاب واحد فقال :

{ رسل منكم }[ الأنعام : 130 ] وكذا

{ وجعل القمر فيهن نوراً }[ نوح : 16 ] ومثله كثير { اللؤلؤ } وهو الدر الذي هو{[61881]} في غاية البياض والإشراق والصفاء { والمرجان * } أي القضبان الحمر التي هي في غاية الحمرة ، فسبحان من غاير بينهما في اللون والمنافع والكون - نقل هذا القول{[61882]} ابن عطية عن ابن مسعود رضي الله عنه ، وقال : و{[61883]}هذا هو المشهور الاستعمال - انتهى{[61884]} ، وقال جمع كثير : إن{[61885]} اللؤلؤ كبار الدر والمرجان صغاره .


[61877]:- زيد من مد.
[61878]:- راجع نثر المرجان 7/ 144.
[61879]:- راجع البحر المحيط 8/ 191.
[61880]:- زيد من ظ.
[61881]:- زيد من ظ.
[61882]:- زيد من ظ.
[61883]:- زيد من ظ.
[61884]:- زيد من ظ.
[61885]:- زيد من ظ.