{ يَخْرُجُ } قرأ أهل المدينة وأبو عمرو ويعقوب بضم الياء وفتح الراء على غير تسمية الفاعل ، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم . الباقون على الضدّ .
{ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ } أي من البحرين ، قال أهل المعاني : إنّما يخرج من أحدهما وهو الملح دون العذب ، ولكن هذا جائز في كلام العرب ان يذكر شيئاً ثم يخصّ أحدهما بفعل دون الآخر ، كقول الله سبحانه :
{ يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنْكُمْ } [ الأنعام : 130 ] والرسل من الإنس دون الجن ، قاله الكلبي . قال : وجعل القمر فيهن نوراً وإنما هو في واحدة منهما ، وقال بعضهم يخرج من ماء السماء وماء البحر اللؤلؤ وهو أعظم من الدر ، واحدتها لؤلؤة . { وَالمَرْجَانُ } وهو صغارها ، وقال مرّة : المرجان جيّد اللؤلؤ ، وروى السدّي عن أبي مالك أن المرجان الخرز الأحمر ، وقال عطاء الخراساني هو البسذ ، يدل عليه قول ابن مسعود : المرجان حجر ، والذي حكينا من أن المراد بالبحرين القطر والبحر ، وأن الكناية في قوله : ( منهما ) راجعة إليهما [ وهو ] قول الضحاك ، ورواية عطية عن ابن عباس وليث عن مجاهد .
وتصديقهم ما أخبرنا ابن فنجويه قال : حدّثنا علي بن محمد بن لؤلؤ قال : أخبرنا الهيثم بن خلف قال : حدّثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي قال : حدّثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج قرأ { يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ } قال : إذا مطرت السماء فتحت الأصداف أفواهها ، فحيث وقعت قطرة كانت لؤلؤة .
ولقد ذكر لي أن نواة كانت في جوف صدف ، فأصابت بعض النواة ولم يصب بعضها فكانت حيث القطرة من النواة لؤلؤة وسائرها نواة .
وأخبرنا الحسين قال : حدّثنا موسى بن محمد بن علي بن عبدالله قال : قرأ أبي على أبي محمد بن الحسن بن علويه القطان من كتابه وأنا اسمع ، قال : حدّثنا بعض أصحابنا قال : حدّثني رجل من أهل مصر يقال له : طسم قال : حدّثنا أبو حذيفة عن أبيه عن سفيان الثوري في قول الله سبحانه : { مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ } قال : فاطمة وعلي { يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ } قال : الحسن والحسين .
وروي هذا القول أيضاً عن سعيد بن جبير ، وقال : { بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ } محمد صلى الله عليه وسلم والله أعلم .
وقال أهل الإشارة { مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ } أحدهما معرفة القلب والثاني معصية النفس ، بينهما برزخ الرحمة والعصمة .
{ لاَّ يَبْغِيَانِ } لا تؤثر معصية النفس في معرفة القلب ، وقال ابن عطاء : بين العبد وبين الرب بحران : أحدهما بحر النجاة ، وهو القرآن من تعلق به نجا ، والثاني بحر الهلاك وهو الدنيا من تمسك بها وركن إليها هلك ، وقيل : بحرا الدنيا والعقبى ، بينهما برزخ وهو القبر قال الله سبحانه :
{ وَمِن وَرَآئِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } [ المؤمنون : 100 ] .
{ لاَّ يَبْغِيَانِ } لا يحل أحدهما بالآخر ، وقيل : بحرا العقل والهوى { بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ } لطف الله تعالى . { يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ } التوفيق والعصمة ، وقيل : بحر الحياة وبحر الوفاة ، بينهما برزخ وهو الأجل ، وقيل : بحر الحجة والشبهة ، بينهما برزخ وهو النظر والاستدلال { يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ } الحق والصواب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.