صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَضَرَبَ لَنَا مَثَلٗا وَنَسِيَ خَلۡقَهُۥۖ قَالَ مَن يُحۡيِ ٱلۡعِظَٰمَ وَهِيَ رَمِيمٞ} (78)

{ ضرب لنا مثلا . . . } وضرب لنا ذلك الإنسان الخصيم المنكر للبعث مثلا . أي أورد في شأننا قصة هي كالمثل في الغرابة ، وهي إنكار إحيائنا العظام ، فقال منكرا : " من يحي العظام وهي رميم " ! ونسى خلقنا إياه من نطفة ، وتقليبه في أطوار شتى حتى صار إنسانا سويا . " رميم " أي بالية أشد البلى ، بمعنى فاعل ؛ من رم اللازم بمعنى بلى ، ولم تلحقه التاء لصيرورته بالغلبة اسما لما بلى من العظام فانسلخ عن الوصفية . أو بمعنى مفعول ؛ من رمّ المتعدى بمعنى أبلى . يقال : رمّه أي أبلاه ؛ فيستوى فيه المذكر والمؤنث .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَضَرَبَ لَنَا مَثَلٗا وَنَسِيَ خَلۡقَهُۥۖ قَالَ مَن يُحۡيِ ٱلۡعِظَٰمَ وَهِيَ رَمِيمٞ} (78)

فيه مسألتان :

الأولى- قوله تعالى : " وضرب لنا مثلا ونسي خلقه " أي ونسي أنا أنشأناه من نطفة ميتة فركبنا فيه الحياة . أي جوابه من نفسه حاضر ؛ ولهذا قال عليه السلام : ( نعم ويبعثك الله ويدخلك النار ) ففي هذا دليل على صحة القياس ؛ لأن الله جل وعز احتج على منكري البعث بالنشأة الأولى . " قال من يحيى العظام وهي رميم " أي بالية . رم العظم فهو رميم ورمام . وإنما قال رميم ولم يقل رميمة ؛ لأنها معدولة عن فاعلة ، وما كان معدولا عن وجهه ووزنه كان مصروفا عن إعرابه ؛ كقول : " وما كانت أمك بغيا " [ مريم : 28 ] أسقط الهاء ؛ لأنها مصروفة عن باغية .