{ وضرب } أي : هذا الإنسان { لنا } أي : على ما يعلم من عظمتنا { مثلاً } أي : أمراً عجيباً وهو نفي القدرة على إحياء الموتى ، روي : «أن أبي بن خلف الجمحي وهو الذي قتله النبي صلى الله عليه وسلم بأحد مبارزة ، أتى النبي صلى الله عليه وسلم بعظم بال يفتته بيده فقال : أترى الله يحيي هذا بعدما رم ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : نعم ويبعثك ويدخلك النار » فنزلت . وقيل : هو العاصي بن وائل قاله الجلال المحلي وأكثر المفسرين على الأول{ ونسي } أي : هذا الذي تصدى على مهانة أصله لمخاصمة الجبار { خلقه } أي : بدء أمره من المني وهو أغرب من مثله ، والنسيان هنا يحتمل أن يكون بمعنى الذهول وأن يكون بمعنى الترك ، ثم استأنف الإخبار عن هذا المثل بأن { قال } أي : على طريق الإنكار { من يحيي العظام وهي رميم } أي : صارت تراباً تمرّ مع الرياح ورميم قال البيضاوي : بمعنى فاعل من رم الشيء صار اسماً بالغلبة ولذلك لم يؤنث ، أو اسم مفعول من رممته ، وفيه دليل على أن العظم ذو حياة فيؤثر فيه الموت كسائر الأعضاء ا . ه . قال البغوي : ولم يقل : رميمة ؛ لأنه معدول عن فاعله فكل ما كان معدولاً عن وجهه ووزنه كان مصروفاً عن إعرابه كقوله تعالى { وما كانت أمك بغيًّا } ( مريم : 28 ) أسقط الهاء ؛ لأنها مصروفة عن باغية .
تنبيه : هذه الآية وما بعدها إشارة إلى بيان الحشر ؛ لأن المنكرين للحشر منهم من لم يذكر فيه دليلاً ولا شبهة بل اكتفى بمجرد الاستبعاد وهم الأكثرون { أءِذا ضللنا في الأرض أئنا لفي خلق جديد } ( السجدة : 10 ) { أءذا متنا وكنا تراباً وعظاماً أئنا لمبعوثون } ( المؤمنون : 82 ) { من يحيي العظام وهي رميم } قالوا : ذلك على طريق الاستبعاد فأبطل الله تعلى استبعادهم بقوله تعالى : { ونسي خلقه } أي : نسي أنا خلقناه من تراب ومن نطفة متشابهة الأجزاء ثم جعلنا لهم من النواصي إلى الأقدام أعضاء مختلفة الصورة ، وما اكتفينا بذلك حتى أودعناهم ما ليس من قبيل هذه الأجرام وهو النطق والعقل اللذان بهما استحقوا الإكرام ، فإن كانوا يقنعون بمجرد الاستبعاد فهلا يستبعدون خلق الناطق العاقل من نطفة مذرة لم تكن محلاً للحياة أصلاً ، ويستبعدون إعادة النطق والعقل إلى محل كانا فيه واختاروا العظم بالذكر ؛ لأنه أبعد عن الحياة لعدم الإحساس فيه ووصفوه بما يقوى جانب الاستبعاد من البلاء والتفتت .
والله تعالى دفع استبعادهم من جهة ما في العبد من القدرة والعلم فقال : { وضرب لنا مثلاً } أي : جعل قدرتنا كقدرتهم ونسي خلقه العجيب وبدأه الغريب ، ومنهم من ذكر شبهة وإن كان في آخرها يعود إلى مجرد الاستبعاد وهي على وجهين :
الأول : أنه بعد العدم لم يبق شيئاً فكيف الحكم على العدم بالوجود ؟
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.