{ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلا } بفته العظم والجملة معطوفة على الجملة المنفية داخلة في حيز الإنكار المفهوم من الاستفهام ، فهي تكميل للتعجيب من حال الإنسان ، وبيان جهله بالحقائق ، وإهماله للتفكر في نفسه فضلا عن التفكر في سائر مخلوقات الله .
ويجوز أن تكون جملة : { فإذا هو خصيم مبين } معطوفة على خلقنا ، وهذه معطوفة عليها ، أي أورد في شأننا قصة عجيبة في نفس الأمر كالمثل في الغرابة ، وهي إنكاره إحياءنا للعظام ، أو قصة عجيبة في زعمه واستبعدها وعدها من قبيل المثل ، وأنكرها أشد الإنكار ، وهي إحياؤنا إياها ، أو جعل لنا مثلا ونظيرا من الخلق ، وقاس قدرتنا على قدرتهم ، ونفى الكل على العموم فالمثل على الأول هو إنكار إحيائه للعظام ، وعلى الثاني هو إحياؤه لها ، وأما على الثالث فلا فرق بين أن يكون المثل هو الإنكار أو المنكر .
{ وَنَسِيَ خَلْقَه } أي خلقناه إياه من المني الدال على بطلان ما ضربه من المثل وذهل عنه ، وترك ذكره على طريقة اللداد والمكابرة ، فهو أغرب من إحياء العظم .
{ قَالَ : مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ } بالية استئناف جوابا عن سؤال مقدر كأنه قيل : ما هذا المثل الذي ضربه ؟ فقيل : قال من يحيي العظام وهي رميم ؟ وهذا الاستفهام للإنكار لأنه قاس قدرة الله على قدرة العبد فأنكر أن الله يحيي العظام البالية حيث لم يكن ذلك في مقدور البشر . يقال : رم العظم يرم رما إذا بلي ، فهو رميم ورمام ، وإنما قال : رميم ولم يقل : رميمة مع كونه خبرا للمؤنث لأنه اسم لما بلي من العظام غير صفة ، كالرمة والرفات ، وقيل : لكونه معدولا عن فاعله ، وكل معدول عن وجهه يكون مصروفا عن إعرابه كما في قوله : { وما كانت أمك بغيا } لأنه مصروف عن باغية . كذا قال البغوي والقرطبي ، وقال بالأول صاحب الكشاف .
والأولى أن يقال : إنه فعيل بمعنى فاعل . من رم الشيء صار اسما بالغلبة أو مفعول ، وهو يستوي فيه المذكر والمؤنث كما قيل في جريح وصبور .
ومن يثبت الحياة في العظام ويقول : إن عظام الميتة نجسة لأن الموت يؤثر فيها من قبل أن الحياة تحلها يتشبت بهذه الآية ، وهي عند الحنفية طاهرة ، وكذا الشعر والعصب لأن الحياة لا تحلها فلا يؤثر فيها الموت .
والمراد بإحياء العظام في الآية ردها إلى ما كانت عليه غضة رطبة في بدن حي حساس ، وقد استدل أبو حنيفة وبعض أصحاب الشافعي بهذه الآية على أن العظام مما تحله الحياة ، وقال الشافعي : لا تحلها الحياة ، وأن المراد بقوله : من يحيي العظام ؟ من يحيي أصحاب العظام على تقدير مضاف محذوف ، ورد بأن هذا التقدير خلاف الظاهر ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.