قوله ( تعالى ){[46631]} : { وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ } قرأ زيد بن علي : «ونَسِيَ خَالِقَهُ » بزنة اسم الفاعل{[46632]} .
المعنى : «ونَسِيَ خلقه » أي بَدْءَ أمره{[46633]} { قَالَ مَن يُحيِي العظام وَهِيَ رَمِيمٌ } قيل : فَعِيلٌ بمعنى فاعلٍ{[46634]} ، وقيل : مفعول{[46635]} فعلى الأول عدم التاء غير مقيس{[46636]} . وقال الزمخشري : الرَّميم اسم لما بَلِيَ من العظام غير صفة كالرّمَة والرفات فلا يقال : لم لم يؤنث وقد وقع خبراً لمؤنث ولا هو فعيل بمعنى فاعل أو مفعول{[46637]} وقال البغوي ولم يقل : رميمة لأنه معدول من فاعله فكل ما كان معدولاً عن وجهه ووزنه كان مصروفاً عن إعرابه{[46638]} كقوله : { وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً } [ مريم : 28 ] أسقط الهاء لأنها مصروفة عن «باغية » .
هذه الآية وما بعدها إشارة إلى بيان الحشر ، واعلم أن المنكرين للحشر منهم من لم يذكر فيه دليلاً ولا شبهة بل اكتفى بمجرد الاستبعاد وهم الأكثرون كقولهم :
{ وقالوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الأرض أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ } [ السجدة : 10 ] { أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ } [ المؤمنين : 82 ] { قَالَ مَن يُحيِي العظام وَهِيَ رَمِيمٌ } على طريق الاستبعاد ، فأبطل استبعادهم بقوله : { نَسِيَ خَلْقَهُ } أي نسي أنا خلقناه من تراب ومن نطفة{[46639]} متشابهة ( الأجزاء ){[46640]} ، ثم جعلنا لهم من النَّواصِيَ إلى الأقدام أعضاء مختلفة الصّورة{[46641]} ، وما اكتفينا بذلك حتى أودعناهم ما ليس من قبيل هذه الأجرام وهو النطق والعقل اللذي ( ن ){[46642]} بهما استحقوا الإكرام فإن كانوا يقنعون{[46643]} بمجرد الاستبعاد فهلا يستبعدون خلق الناطق العاقل من نطفة قذرة لم تكن مَحَلاًّ للحياة أصلاً ويستبعدون إعادة النطق والعقل إلى محل كانا فيه . واخْتَارُوا العَظْم بالذكر لأنه أبعد عن الحياة{[46644]} لعدم الإحساس فيه ووصفوه بما يقوي جانب الاستبعاد من البِلَى والتّفَتّت . والله تعالى دفع استبعادهم من جهة ما في العبد من القدرة والعلم فقال : { وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً } أي جعل قدرتنا كقدرتهم «ونسيَ خَلْقَهُ » العجيب وبدأه الغريب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.