صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف  
{وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَهُمُ ٱلۡبَغۡيُ هُمۡ يَنتَصِرُونَ} (39)

{ والذين إذا أصابهم البغي } قال القاضي أبو بكر بن العربي : " ذكر الله الانتصار في البغي في معرض المدح ، وذكر العفو عن الجرم في موضع آخر في معرض المدح ؛ فاحتمل أن يكون أحدهما رافعا للآخر . واحتمل أن يكون ذلك راجعا إلى حالتين : إحداهما – أن يكون الباغي معلنا بالفجور ، مؤذيا للصغير والكبير ؛ فيكون الانتقام منه أفضل . وفي مثله قال إبراهيم النخعي : كانوا يكرهون للمؤمنين أن يذلوا أنسفهم فتجرئ عليهم الفساق . والثانية – أن يقع ذلك ممن لم يعرف بالزلة ويسأل المغفرة ؛ لعفو ههنا أفضل . وفي مثله نزل : " وأن تعفو أقرب للتقوى " {[308]} وقوله : " فمن تصدق به فهو كفارة له " {[309]} . وقوله : " وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم " {[310]} . ومثله ما ذكر الكيا الصبري في أحكامه ؛ إلا أنه عند الانتصار تراعى المماثلة لقوله تعالى : " وجزاء سيئة سيئة مثلها " ، وقوله : " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " {[311]} .


[308]:آية 237 البقرة.
[309]:آية 45 المائدة.
[310]:آية 22 النور.
[311]:آية 194 البقرة.