تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَهُمُ ٱلۡبَغۡيُ هُمۡ يَنتَصِرُونَ} (39)

الآية 39 وقوله تعالى : { والذين إذا أصابهم البغيُ هم ينتصرون } صيّر المنتصر من الباغي والغافر لمظلمة من ظُلمه جميعا في الذين استجابوا لربهم إلى ما دعاهم إليه ، والمنتصر مستوفي حق جُعل له ، والغافر تارك الحق . لكن إذ جعل له الاستيفاء دخل في ما ذكر من المستجيبين لله تعالى . لكن تارك الحق أفضل من مستوفي الحق .

وعلى ذلك حثّ الله تعالى رسوله [ على العفو ]{[18780]} عن المظلمة وترك الانتصار والمكافأة . وأخبر أنه من عزم الأمور حين{[18781]} قال : { ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور } [ الشورى : 43 ] .

ويحتمل أن يكون قوله تعالى : { وإذا ما غضبوا هم يغفرون } [ الشورى : 37 ] راجعا{[18782]} إلى الأذى باللسان من نحو الشتيمة والسّبّ والذي لا يترك{[18783]} في النفس /493-أ/ أثرا حثّهم على المغفرة والعفو ، ومدحهم على ذلك .

وقوله تعالى : { والذين إذا أصابهم البغيُ هم ينصرون } راجع إلى ما يؤثّر في النفس والأبدان تأثيرا من الجِراحات وغيرها{[18784]} ، جثّهم على العفو في ما يرجع إلى الأذى باللسان وألاّ يكافئوهم على ذلك .

وفي ما رجع إلى الأنفس والأبدان جعل لهم الاستيفاء والانتصار ، وإن كان ترك الاستيفاء والعفو عن الكل أفضل على ما قال : { وأن تعفوا أقرب للتقوى } [ البقرة : 237 ] .


[18780]:في م: بالعفو، ساقطة من الأصل.
[18781]:في الأصل وم: حيث.
[18782]:في الأصل وم: راجع.
[18783]:في الأصل وم: يؤثر.
[18784]:في الأصل وم: وغيرهم.