قوله : { والذين إِذَآ أَصَابَهُمُ البغي } أي الظلم والعدوان «هُمْ يَنْتَصِرُونَ » أي ينتقمون من ظالمهم من غير أن يعتدوا . قال ابن زيد : جعل الله المؤمنين صنفين : صنف يعفون عن ظالمهم فبدأ بذكرهم وهو قوله : { وإذا ما غضبوا هم يغفرون } وصنف ينتصرون نم ظالهم وهم المذكورون في هذه الآية كانوا يكرهون أن يستذلوا ، فإذا قدروا عفوا . وقال عطاء : هم المؤمنون الذي أخرجهم الكفار من مكة وبغوا عليهم ، ثم مكنهم الله في الأرض حتى انتصروا ممن ظلمهم{[49449]} . وعن النَّخعيِّ أنه كان إذا قرأها قال : كانوا يكرهون أن يذلوا أنفسهم فيجترئ عليهم السفهاء{[49450]} .
فإن قيل : هذه الآية مشكلة لوجهين :
الأول : أنه لما ذكر قبله : وإذا ما غضبوا هم يغفرون كيف يليق أن يذكر معه ما يَجْرِي مَجْرَى الضد له وهم الذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون ؟ !
الثاني : أن جميع الآيات دالة على أن العفو أحسن . قال تعالى : { وَأَن تعفوا أَقْرَبُ للتقوى } [ البقرة : 237 ] وقال : { وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً } [ الفرقان : 72 ] وقال { خُذِ العفو وَأْمُرْ بالعرف وَأَعْرِضْ عَنِ الجاهلين } [ الأعراف : 199 ] وقال : { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ } [ النحل : 126 ] ؟
فالجواب : أن العفو على قسمين :
أحدهما : أن يصير العفو سبباً لتسكين الفتنة ورجوع الجاني عنه جنايته .
والثاني : أن يصير العفو سبباً لمزيد جرأة الجاني وقوة غيظه ، فآيات العفو محمولة على القسم الأول ، وهذه الآية محمولة على القسم الثاني وحينئذ يزول التناقض .
«روي : أن زَيْنَبَ أقبلت على عائشة تشتمها فنهاها النبي صلى الله عليه وسلم عنها فلم تنته فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «دونَكِ{[49451]} فَانْتَصِرِي » وأيضاً فإنه تعالى لم يرغِّب في الانتصار ، بل بين أنه مشروع فقط ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.