إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَهُمُ ٱلۡبَغۡيُ هُمۡ يَنتَصِرُونَ} (39)

{ والذين إِذَا أَصَابَهُمُ البغي هُمْ يَنتَصِرُونَ } أي ينتقمونَ ممَّنْ بَغَى عليهِم على ما جعلَهُ الله تعالَى لهُم كراهةً التذللِ ، وهو وصفٌ لهم بالشجاعةِ بعدَ وصفِهم بسائرِ مُهمَّاتِ الفضائلِ وهَذَا لا ينافِي وصفَهُم بالغُفرانِ فإنَّ كلاًّ منهما فضيلةٌ محمودةٌ في موقعِ نفسهِ ، ورذيلةٌ مذمومةٌ في موقعِ صاحبهِ ، فإنَّ الحِلْمَ عن العاجزِ وعوراءِ الكرامِ محمودٌ وعن المتغلبِ ولغواءِ اللئامِ مذمومٌ فإنَّه إغراءٌ على البَغِي ، وعليهِ قولُ مَنْ قالَ : [ الطويل ]

إِذَا أَنْتَ أَكْرَمْتَ الكَرِيْمَ مَلَكْتَه *** وَإِنْ أَنْتَ أَكْرَمْتَ اللَّئِيمَ تَمرَّدَاً

فَوَضْعُ النَّدَى فِي مَوْضِعِ السَّيفِ بالعُلا *** مُضِرٌّ كَوَضْعِ السَّيْفِ فِي مَوْضِعِ النَّدَى