فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَهُمُ ٱلۡبَغۡيُ هُمۡ يَنتَصِرُونَ} (39)

ثم ذكر سبحانه الطائفة التي تنتصر ممن ظلمها ، فقال : { والذين إِذَا أَصَابَهُمُ البغي هُمْ يَنتَصِرُونَ } أي أصابهم بغي من بغى عليهم بغير الحق ، ذكر سبحانه هؤلاء المنتصرين في معرض المدح كما ذكر المغفرة عند الغضب في معرض المدح ؛ لأن التذلل لمن بغى ليس من صفات من جعل الله له العزة حيث قال : { وَلِلَّهِ العزة وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } [ المنافقون : 8 ] ، فالانتصار عند البغي فضيلة ، كما أن العفو عند الغضب فضيلة . قال النخعي : كانوا يكرهون أن يذلوا أنفسهم ، فيجترئ عليهم السفهاء ، ولكن هذا الانتصار مشروط بالاقتصار على ما جعله الله له وعدم مجاوزته كما بينه سبحانه عقب هذا بقوله : { وَجَزَاء سَيّئَةٍ سَيّئَةٌ مّثْلُهَا } .

/خ43