الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَقَالُوٓاْ إِن نَّتَّبِعِ ٱلۡهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفۡ مِنۡ أَرۡضِنَآۚ أَوَلَمۡ نُمَكِّن لَّهُمۡ حَرَمًا ءَامِنٗا يُجۡبَىٰٓ إِلَيۡهِ ثَمَرَٰتُ كُلِّ شَيۡءٖ رِّزۡقٗا مِّن لَّدُنَّا وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (57)

ثم قال تعالى{[54003]} : { وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا }[ 57 ] ، أي وقال كفار قريش : إن نتبع الذي جئتنا به ، ونتبرأ من الأنداد والآلهة : يتخطفنا الناس من أرضنا{[54004]} ، لاجتماع جميعهم على خلافنا ، وحربنا ، يقول لهم الله{[54005]} جل ذكره : { أو لم نمكن لهم حرما-آمنا } أي نوطئ لهم بلدا : حرم فيه سفك الدماء ، ومنع من أن يتناول سكانه فيه بسوء ، وأمن أهله من أن تصيبهم فيه غارة أو قتل أو سبي . قال ابن عباس : كان من أحدث حدثا في بلد غير الحرام ، ثم لجأ إلى الحرم أمن إذا دخله ، ولكن لا ينبغي لأهل مكة أن يبايعوه ، ولا يطعموه ، ولا يسقوه ، ولا يؤووه ، ولا يكسوه ، فإذا خرج من الحرم أخذ وأقيم عليه الحد . قال{[54006]} : ومن أحدث حدثا أخذ بحدثه فيه .

قال مجاهد : إذا أصاب الرجل الحد في غير الحرم{[54007]} ، ثم أتى الحرم ، أخرج{[54008]} من الحرم ، فأقيم عليه الحد ، وإن{[54009]} أصاب الحد في الحرم أقيم{[54010]} عليه الحد في الحرم .

وقال ابن جبير : نحوه ، وأكثر الفقهاء : على أن الحد يقام في الحرم على من وجب عليه حد أحدثه في الحرم أو غير الحرم ، ولا يمنع الحرم من الحق{[54011]} من حقوق الله ، ولا من حق أوجبه الله ، فالمعنى : أن من مكن لكم حرما{[54012]} آمنا ، لا يتعدى على أحد فيه ، قادر على أن يمنع منكم من خالفكم في الدين إن آمنتم ، لأنهم اعتذروا أنهم{[54013]} يخافون{[54014]} أن تجتمع عليهم العرب ، فتقتلهم إن آمنوا أو{[54015]} خالفوا دين العرب ، فأعلمهم أن من جعل لكم الحرم آمنا{[54016]} يقدر على أن يمنعكم من العرب إن آمنتم .

قال بان عباس : " الحارث بن نوفل{[54017]} هو الذي قال : { إن نتبع الهدى معك نتخطف }[ 57 ] .

قوله : { تجبى إليه ثمرات كل شيء }[ 57 ] ، أي تجبى{[54018]} إليه من كل بلد . { رزقا من لدنا }[ 57 ] ، أي رزقا لهم من عندنا . { ولكن أكثرهم لا يعلمون } [ 57 ] ، نعم الله عليهم .


[54003]:"تعالى" سقطت من ز.
[54004]:بعدها في ز: أي.
[54005]:ز: الله لهم.
[54006]:"قال" سقطت من ز.
[54007]:ز: الجمع.
[54008]:ز: وأخرج.
[54009]:ز: فإن.
[54010]:ز: وأقيم.
[54011]:ز: وحقا.
[54012]:ز: حراما.
[54013]:ز: بهم.
[54014]:ز: فخافوا.
[54015]:ز: و.
[54016]:ز: وأمنا.
[54017]:هو الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم، الهاشمي القرشي: صحابي من الولاة، ولاه النبي صلى الله عليه وسلم بعض أعمال مكة، وأقره أبو بكر، وعمر، وعثمان، ثم انتقل إلى البصرة فمات فيها نحو 35هـ. انظر: الإصابة1/292، والأعلام2/161.
[54018]:ز: تجيء.