ثم قال تعالى : { ثم استوى إلى السماء وهي دخان } أي : ثم ارتفع إلى السماء ارتفاع قدره لا ارتفاع نقلة .
( وهي دخان ) ، روي أن الدخان كان من تنفس السماء .
{ فقال لها وللأرض إيتنا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين } ، أي : قال لهما جيئا بما خلقت فيكما . أما أنت يا سماء فأطلعي{[60130]} ما خلقت فيك من الشمس والقمر والنجوم ، وأما أنت يا أرضي فأخرجي ما خلقت فيك من الأشجار والثمار والنبات وتشقق{[60131]} عن الأنهار ، فقالتا{[60132]} : أتينا طائعين بما أحدث فينا من خلقنا ، هذا معنى ما روى مجاهد عن ابن عباس{[60133]} .
ومعنى إخباره تعالى عن السماء والأرض بالقول أنه جعل تبارك وتعالى فهما ما يميزان{[60134]} به ويجيبان عما قيل لهما{[60135]} وذلك لا يعجزه تعالى إذا أراده .
وقال المبرد : هذا إخبار عن الهيئة ، أي : صارتا{[60136]} في هيئة من قال ذلك{[60137]} بتكوينه تعالى لما أراد فيهما ، كقول الشاعر : امتلأ الحوض{[60138]} ، وقال : قطى{[60139]} ، أي : صار في هيئة من يقول ذلك .
وقيل : معناه أنه أخبرنا الله ( عز وجل ){[60140]} بما نعرف من سرعة الإجابة فخبر عن السماوات والأرض بسرعة التكوين على ما أراد وأما قوله : { طائعين } ، فقال الكسائي معناه : أتينا{[60141]} بمن فينا طائعين{[60142]} .
وقيل : إنما جاء ذلك بالياء والنون لأنه أخبر{[60143]} عنهما كما يخبر عمن يعقل من الذكور{[60144]} فجاء على لفظ الإخبار عمن يعقل{[60145]} .
قال ابن عباس : خلق الأرض أولا{[60146]} ، ثم خلق السماء ، ثم دحا الأرض ، فلذلك قال : { والأرض بعد ذلك دحاها }{[60147]} .
قال وهب بن منبه : خلق الله تعالى الريح فسلطها على الماء فضربت الماء حتى صار أمواجا وزبدا ، فجعل يفور من الماء دخان ويصعد في الهواء ، فأمر الله تبارك وتعالى الزبد فجمد فمنه الأرض{[60148]} ، وأمر الأمواج فجمدت فجعلها جبالا رواسي ، { ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض إيتنا طوعا وكرها قالتا أتينا طائعين/ فقضاهن سبع سماوات في يومين } . وكانت السماء ملتصقة بالأرض فأمرها فارتفعت من الأرض على الهواء . { وأوحى في كل سماء أمرها } وقال للسماء الدنيا : كوني زمردة خضراء ، وللثانية كوني فضة بيضاء ، والثالثة كوني ذرة{[60149]} حمراء ، وللرابعة{[60150]} كوني ذرة بيضاء وللخامسة : كوني ذهبة حمراء ، وللسادسة : كوني ياقوتة صفراء ، وللسابعة : كوني نورا على نور يتلألأ ، وفي كل سماء ملائكة قد طبقها بهم بين راكع وباك ومسبح وقائم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.