الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَإِذَا مَآ أُنزِلَتۡ سُورَةٞ نَّظَرَ بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٍ هَلۡ يَرَىٰكُم مِّنۡ أَحَدٖ ثُمَّ ٱنصَرَفُواْۚ صَرَفَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَفۡقَهُونَ} (127)

قوله : { وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض }[ 127 ] الآية .

والمعنى : وإذا ما أنزل الله عز وجل ، سورة ، وهم جلوس عند النبي عليه السلام ، فكان فيها إظهار سرهم { نظر بعضهم إلى بعض } ، هل رآكم{[30302]} أحد إذ{[30303]} قلتم وتناجيتم ، ثم قاموا فانصرفوا ولم يسمعوا قراءته{[30304]} .

وقيل المعنى : إذا ما أنزلت سورة فيها أسرارهم ، { نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم } ، أحد{[30305]} إن قمتم ، فإن قالوا : نعم{[30306]} ، قاموا ولم يسمعوا القرآن{[30307]} .

{ صرف الله قلوبهم }[ 127 ] ، أي : عن الخير والتوفيق ، { بأنهم قوم لا يفقهون }[ 127 ] ، أي : لا يفقهون عن الله ، عز وجل ، مواعظه ، استنكارا ونفاقا{[30308]} .

وقد كره ابن عباس : أن يقال{[30309]} : " انصرفنا من الصلاة " ، قال : لا يقال ذلك ، فإن قوما{[30310]} انصرفوا فصرف الله قلوبهم ، ولكن قولوا{[30311]} : " قد قضينا الصلاة " {[30312]} .

وقيل عنه : ولكن قولوا : " قد صلينا " {[30313]} .

ومعنى : { نظر بعضهم إلى بعض } : [ قال{[30314]} بعضهم إلى بعض ] ، ولذلك قال : { هل يراكم من أحد } ، ولو كان من نظر العين لم يؤت ب " هل " بعده{[30315]} .

وقيل : النظر هنا ، إنما هو النظر الذي يجلب{[30316]} الاستفهام ، كقولك : " قد تناظروا أيهم أعلم " ، و " اجتمعوا أيهم أفقه " ، أي : لينظر أيهم أفقه{[30317]} .


[30302]:في الأصل: أريكم، وهو تحريف ناسخ.
[30303]:في الأصل: تحرفت إلى: إذا.
[30304]:جامع البيان 14/582، بتصرف.
[30305]:في "ر": واحد.
[30306]:كذا في المخطوطتين وأحسبه سهوا من المؤلف، إن لم يكن من النساخ.
[30307]:هو قول ابن عباس في زاد المسير 3/520، مع اختلاف في اللفظ. انظر: معاني القرآن للفراء 1/455، وتفسير البغوي 4/115، وأحكام القرآن لابن العربي 2/1033، وتفسير الرازي 8/239، والبحر المحيط 5/120 وفتح القدير 2/475.
[30308]:جامع البيان 14/582، باختصار.
[30309]:في الأصل: يقول، وهو تحريف.
[30310]:في الأصل: قاموا، وهو تحريف.
[30311]:في الأصل: قالوا: وهو تحريف.
[30312]:جامع البيان 14/583، وعنه نقل مكي، من غير: وقد كره، وتفسير ابن أبي حاتم 6/1917، مختصرا وأحكام القرآن لابن العربي 2/1033، وتعقبه...وتفسير البغوي 4/115، والمحرر الوجيز 3/100، وتفسير القرطبي 8/190، وفتح القدير 2/475، 477، وفيه "....، الانصراف يكون عن الخير كما يكون عن الشر، وليس في إطلاقه هنا على رجوع المنافقين عن مجلس الخير ما يدل على أنه لا يطلق إلا على نحو ذلك، وإلا لزم أن كل لفظ يستعمل في لغة العرب في الأمور المتعددة، إذا استعمل في القرآن في حكاية ما وقع من الكفار لا يجوز استعماله في حكاية ما وقع عن أهل الخير، كالرجوع والذهاب والدخول والخروج والقيام والقعود، واللازم باطل بالإجماع، فالملزوم مثله، ووجه الملازمة ظاهر لا يخفى". انظر: تفسير الرازي 8/240.
[30313]:جامع البيان 14/584.
[30314]:زيادة من "ر".
[30315]:انظر: معاني القرآن للفراء 1/455، ومعاني القرآن للأخفش 1/368، وجامع البيان 14/582، ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج 2/476، والمحرر الوجيز 3/100، وتفسير القرطبي 8/190.
[30316]:في الأصل: يختلف وهو تحريف.
[30317]:جامع البيان 14/583.