الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{الٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡحَكِيمِ} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

سورة يونس عليه السلام مكية{[1]}

قال ابن عباس : { ألر } : أنا الله أرى{[30336]} . وروي عنه أنه أنا الله الرحمن .

وعنه أيضا : " ألر " و " حم " و " ن " حروف الرحمن مقطعة{[30337]} .

وهو قول سالم بن عبد الله{[30338]} ، وابن جبير{[30339]} ، وهو اختيار الزجاج{[30340]} .

وقال قتادة{[30341]} : " هو اسم من أسماء القرآن " {[30342]} .

وقال عكرمة{[30343]} ، والحسن{[30344]} : هو قسم{[30345]} .

وروي عن قتادة أنه قال : اسم للسورة{[30346]} .

وقال مجاهد{[30347]} : هو فواتح السور{[30348]} .

وقيل : هي تنبيه{[30349]} . وهو اختيار الطبري{[30350]} .

وقال بعض المتأخرين من أهل النظر : هذه الفواتح لا نعلم لها تأويلا{[30351]} ، ولا صح عن{[30352]} النبي عليه السلام{[30353]} ، ولا اتفقت الأمة على تفسيرها . والذي نعتقده في ذلك أنا{[30354]} إنما كلفنا تلاوة تنزيلها ، ولم نكلف{[30355]} معرفة تأويلها . ( ولا يعرف تأويلها ){[30356]} من جهة العقل .

قال أبو محمد{[30357]} رضي الله عنه : وهذا القول يلزم قائله أن يكون مثله في كل آية مشكلة لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها تأويل ، ولا اتفقت الأمة على تأويلها ، فيعطل معرفة أكثر القرآن ، ويقول : إنما كلفنا التلاوة لا غير . وأكثر ذلك في الأحكام يقع ، فيعطل أحكاما{[30358]} كثيرة على مذهبه ( وكيف ){[30359]} يكون ذلك ؟ وهل أنزله الله إلا لنعلم تأويله ، ونتدبره كما قال : { ليدبروا آياته }{[30360]} .

قوله : { تلك آيات الكتاب } " أي : تلك التي جرى{[30361]} ذكرها آيات{[30362]} الكتاب " {[30363]} .

( وقيل : المعنى : هذه آيات الكتاب ){[30364]} .

وقال مجاهد : معنى { تلك آيات الكتاب }[ 1 ] : يعني : آيات التوراة والإنجيل ، وكذلك قال قتادة{[30365]} .

وعن مجاهد : { آيات{[30366]} الكتاب الحكيم } يعني آيات{[30367]} القرآن .

وهو اختيار الطبري . قال : لأنه لم يجر للتوراة ، والإنجيل ذكر قبل هذا{[30368]} .

و( الآيات ) : العلامات . و( الكتاب ) : " اسم من أسماء القرآن " {[30369]} .

و( الحكيم ) معناه : المحكم{[30370]} عند أبي عبيدة{[30371]} وغيره .


[1]:أ: إذ.
[30336]:انظر هذا القول في: جامع البيان 15/9، وهو فيه مروي عن الضحاك أيضا، ومعاني الزجاج 1/56، وإعراب النحاس /243، والمحرر 9/4، والجامع 8/194، والدر 4/339.
[30337]:ق: منقطعة.
[30338]:ط: مطموس، وسالم هو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب أحد فقهاء المدينة السبعة. وروى عن أبيه، وعن أبي هريرة، وعائشة، وابن المسيب. وروى عنه: ابن دينار، والزهري، وطائفة(ت: 106) انظر: طبقات ابن سعد 5/144، وطبقات الفقهاء 82.
[30339]:انظر هذا القول في: جامع البيان 15/10، وإعراب النحاس 2/243. وسعيد بن جبير: تابعي مفسر، وإمام، مقرئ، فقيه، روى عن ابن عباس، وابن حاتم، وابن عمر، وابن مسعود، وحدث عنه جماعة. أشهرهم: ابن جريج، قتله الحجاج سنة 95هـ. انظر: الحلية 4/272، وتذكرة الحفاظ 1/76.
[30340]:انظر هذا الاختيار في: معاني الزجاج 1/56.
[30341]:هو قتادة دعامة السدوسي البصري، الإمام، الفقيه، المفسر، الضرير، الأكمه. حدث عن: أنس، وابن المسيب، وروى عنه: شعبة، وأبان بن يزيد، وآخرون. كان إماما في العربية، واللغة، وأيام العرب (ت:118) انظر ترجمته في: تاريخ الثقات 389، ووفيات الأعيان 4/85، وتذكرة الحفاظ 1/122، وميزان الاعتدال 3/385.
[30342]:انظر هذا القول في: جامع البيان 15/10. وهو فيه مروي عن ابن جريح في 1/205.
[30343]:هو عبد الله، مولى ابن عباس، تعلم على يديه، حتى صار من أغزر التابعين علما. وهو فقيه مفسر، عالم بالمغازي، كان كثير (ت:107) انظر: طبقات ابن سعد 5/212، تذكرة الحفاظ 1/95، الإصابة ت: 5632.
[30344]:هو شيخ الإسلام، أبو سعيد بن أبي الحسن يسار البصري مولى زيد بن ثابت. كان عالما رفيعا، ثقة ناسكا. حدث عن ابن عباس، وأبي العالية، وعثمان، وابن عمر، وروى عنه: قتادة. وأبو عمرو، وطائفة سواهم (ت: 110) وانظر ترجمته في: الحلية 2/131، وميزان الاعتدال 1/327، وتذكرة الحفاظ 1/71.
[30345]:انظر هذا القول في: جامع البيان 1/207. وهو فيه مروى عن ابن عباس، وعكرمة أيضا. وانظر : إعراب النحاس 2/243، وتذكرة الحفاظ 1/71.
[30346]:انظر هذا القول في: جامع البيان 1/206 ولم ينسبه. وانظر: إعراب النحاس 2/243، والجامع 8/194.
[30347]:هو أبو الحجاج مجاهد بن جبر. روى عن ابن عباس، وعرض عليه القرآن ثلاثين عرضة. أخذ عنه القراءة: ابن كثير، وابن محيصن، وآخرون (ت:103) انظر: الحلية 3/279، وصفة الصفوة 2/131، وطبقات القراء 8/41، وتذكرة الحفاظ 1/92.
[30348]:انظر هذا القول في: جامع البيان 1/205-206، وإعراب النحاس 2/243، والجامع 8/194.
[30349]:وهو قول محمد بن يزيد. انظره في: إعراب النحاس 2/244، والجامع 8/194.
[30350]:هو أبو جعفر محمد بن جرير، إمام المفسرين، عالم فقيه، بحر في العلوم، وصاحب التاريخ، وجامع البيان وغيرهما، انظر ترجمته في: طبقات القرء 2/41، وتذكرة الحفاظ 1/92. وطبقات المفسرين 82-83.
[30351]:ط: تأويل.
[30352]:ط: عنه.
[30353]:ط: صم.
[30354]:ط: أنه.
[30355]:ط: تكلف.
[30356]:ساقطة من ط.
[30357]:المقصود – المؤلف رحمه الله.
[30358]:ق: أحكام.
[30359]:ساقطة من ط.
[30360]:سورة ص: 28.
[30361]:ق: تجرئ.
[30362]:ق: "سورة آيات آيات" وهو سهو من الناسخ.
[30363]:انظر هذا القول في: إعراب النحاس 2/244، والجامع 8/194.
[30364]:ساقط منط: وهو قوله أبي عبيدة في مجاز القرآن 1/274، وانظر: تفسير ابن كثير 2/629.
[30365]:انظر هذين القولين في: جامع البيان 15/11، والمحرر 2/4، والجامع 8/194، وتفسير ابن كثير 2/629، والدر 4/340.
[30366]:ط: آية.
[30367]:ط: آية.
[30368]:انظر: جامع البيان 15/11-12.
[30369]:انظر هذا التفسير في: جامع البيان: 15/11.
[30370]:ق: الحكم.
[30371]:انظر هذا المعنى في: مجاز القرآن 1/272. وأبو عبيدة: هو معمر بن المثنى البصري، من علماء اللغة، والنحر. كان شعوبيا، إباضيا، مات سنة 210، ولم يحضر جنازته أحد. انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ 1/371، وميزان الاعتدال 4/155، وبغية الوعاة 2/294.