الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{لَا يَصۡلَىٰهَآ إِلَّا ٱلۡأَشۡقَى} (15)

ثم قال تعالى : ( لا يصلاها إلا الأشقى ) أي : لا يدخل ويصلى {[76303]} سعيرها {[76304]} إلا الأشقى الذي كذب بآيات الله وأعرض عنها {[76305]} .

كان أبو هريرة يقول {[76306]} : لتدخلن الجنة إلا من أبى . قالوا يا أبا هريرة ، ومن يأبى أن يدخل الجنة : فقال : الذي كذب وتولى {[76307]} .

والمرجئة {[76308]} الذين يقولون : [ الإيمان ] {[76309]} قول بلا عمل " يتعلقون بهذه الآية وفي تقديرها أقوال منها : أن المعنى لا يصليها إلا الأشقى ( و ) {[76310]} ( الذي كذب وتولى ) فتكون الواو مضمرة .

حكى المبرد وغيره أن العرب تقول : أكلت خبزا لحما [ تمرا ] {[76311]} فيحذفون حرف العطف {[76312]} .

وأنشد أبو زيد :

كيف أصبحت كيف أمسيت *** مما يثبت الود في فؤاد الكريم

وإضمار الواو قبيح ليس بكثير {[76313]} في كلام العرب ، وفيه نقض {[76314]} للأصول وخروج عن الظاهر .

( وقيل : التقدير : لا يصلاها إلا ) الأشقى من الكفار والفساق ، ثم أعاد ذكر الكفار-خاصة- تنبيها عليهم لأنهم أعظم ذنبا من الفساق .

وقيل : التقدير : فأنذرتكم نارا هذه صفتها .

وقيل : التقدير : لا يصلاها إلا ) {[76315]} أشقى {[76316]} أهل النار ، وأشقاهم {[76317]} : الكفار . فدل هذا على أن غير الكفار يدخلون النار بذنوبهم {[76318]} .

[ وقيل : إن النار طبقات وصفوف مختلفة في شدة العذاب وهوله ، فأعلمنا الله في هذه الآية أن هذا الصنف من النار التي تتوهج وتتوقد ولا يدخله إلا الذين كذبوا وتولوا عن الإيمان ، وثم أصناف من ذلك عذاب النار دون ذلك يدخلها غير هذا الصنف {[76319]} . وأقل عذاب النار عذاب أليم ، أجارنا الله منها ] {[76320]} وقيل : المعنى : لا يخلد فيها إلا الأشقى الذي كذب وتولى ، فهذا [ للكفار ] {[76321]} بإجماع خاصة ، وهذا القول أحسن الأقوال عندي .

وقال الفراء : ( الذي كذب ) معناه [ الذي ] {[76322]} قصر عما أمر به ليس معناه جحد {[76323]} ، وهو مثل قوله : ( ليس لوقتها كاذبة ) {[76324]} أي تقصير ولا تخلف .


[76303]:-أ: ولا يصلي.
[76304]:- أ: سعيرا.
[76305]:- انظر: جامع البيان30/226.
[76306]:- أ: قال أبو هريرة.
[76307]:- انظر: جامع البيان30226 ويشهد له ما أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة, باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم, ح:7280 عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال:" كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبي, قالوا : ا رسول الله ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة, ومن عصاني فقد أبي". وانظر الفتح 13/254.
[76308]:- ث: المرحبة.
[76309]:- م: أنا يمن.
[76310]:- ساقط من أ.
[76311]:- م: تمرا.
[76312]:- لم أقف على قول المبرد.
[76313]:- ث: لكثير.
[76314]:-أ: نقص.
[76315]:- ما بين قوسين( وقيل التقدير- لا يصلاها إلا) ساقط من أ.
[76316]:- ث: الأشقى.
[76317]:- ث: واشقاءهم.
[76318]:- انظر إعراب النحاس 5/244.
[76319]:انظر نحو هذا القول في إعراب ابن خالويه:113.
[76320]:- ما بين معقوفتين[ وقيل إن النار- أجارنا الله منها-] ساقط من م,ث.
[76321]:- م: الكفار.
[76322]:- ساقط من م.
[76323]:- انظر معاني الفراء 3/272.
[76324]:- الواقعة:2.