اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{لَا يَصۡلَىٰهَآ إِلَّا ٱلۡأَشۡقَى} (15)

قوله تعالى : { لاَ يَصْلاَهَآ } ، أي : لا يجد صلاها ، وهو حرها { إِلاَّ الأشقى } ، أي : الشقي .

قيل : الأشقى ، والأتقى ، بمعنى الشقي والتقي ، ولا تفضيل فيهما ، لأن النار مختصة بالأكثر شقاء ، وتجنبها ليس مختصاً بالأكثر تقوى .

وقيل : بل هما على بابهما ، وإليه ذهب الزمخشريُّ ، فإنه قال{[60356]} : فإن قلت : كيف قال : { لاَ يَصْلاَهَآ إِلاَّ الأشقى } { وَسَيُجَنَّبُهَا الأتقى } ، وقد علم أن كلَّ شقي يصلاها ، وكل تقي يجنبها ، لا يختص بالصليّ أشقى الأشقياء ، ولا بالنجاة أتقى الأتقياء ، وإن زعمت أنه نكَّر النار ، فأراد ناراً بعينها مخصوصة بالأشقى ، فما تصنع بقوله { وَسَيُجَنَّبُهَا الأتقى } فقد علم أن أفسق المسلمين يجنب تلك النار المخصوصة ، لا الأتقى منهم خاصة .

قلت : الآية واردة في الموازنة بين حالتي عظيم من المشركين ، وعظيم من المؤمنين ، فأريد أن يبالغ في صفتيهما المتناقضتين ؛ فقيل : الأشقى ، وجعل : مختصاً بالصلي كأن النار لم تخلق إلا له . وقيل : الأتقى ، وجعل مختصاً بالنجاة ، كأن الجنة لم تخلق إلا له ، وقيل : هما أبو جهل وأمية بن خلف وأبو بكر - رضي الله عنه .

قال : جوابه المراد بهما شخصان معينان . انتهى .


[60356]:ينظر: الكشاف 4/763، 764.