تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَلَوۡلَا كَانَتۡ قَرۡيَةٌ ءَامَنَتۡ فَنَفَعَهَآ إِيمَٰنُهَآ إِلَّا قَوۡمَ يُونُسَ لَمَّآ ءَامَنُواْ كَشَفۡنَا عَنۡهُمۡ عَذَابَ ٱلۡخِزۡيِ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَمَتَّعۡنَٰهُمۡ إِلَىٰ حِينٖ} (98)

وقوله تعالى : ( فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ ) الآية ؛ أي لم تكن الآية آمنت عند معاينة البأس [ ولم يكن ][ ساقطة من الأصل وم ] إيمانها نفعها ، إلا إيمان قوم يونس فإنهم آمنوا إيمان حقيقة ، وعلم الله صدقهم في [ في الأصل وم : من ] إيمانهم ، فنفعهم إيمانهم هذا يخرج على وجوه :

أحدها : أن سائر القرى كان إيمانها عند إقبال العذاب إليهم ووقوعه عليهم ، فلم ينفعهم إيمانهم إلا قوم يونس فإن إيمانهم إنما كان [ بتخويف العذاب ، فنفعهم ][ في الأصل وم : لتخويف العذاب فينفعهم ] .

والثاني : يحتمل أن يكون قوم يونس كان نزول العذاب بهم على التخيير والتمكين : إن قبلوا الإيمان ، وآمنوا ، دفعوا عنهم وإن لم يقبلوا أنزل بهم .

والثالث : كان[ أدرج قبلها في م : إنما ] إيمان سائر القرى بعد [ ما ][ من م ، ساقطة من الأصل ] عاينوا مقامهم في النار ، فكان[ في الأصل وم : فيكون ] إيمانهم إيمان اضطرار وقوم يونس آمنوا قبل أن يعاينوا ذلك .

ويشبه أن يكون قوله : ( فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ ) بعد وقوع العذاب والبأس ( فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ ) فإنهم آمنوا [ قبل أن يعاينوا ][ في الأصل وم : إذ عاينوا ] العذاب قبل أن يقع بهم ، وإيمان فرعون وقومه إنما كان بعدما عرفوا وبعدما خرجت أنفسهم من أيديهم فلم يقبل . وإيمان قوم يونس [ قبل ][ من م ، ساقطة من الأصل ] أن يقع العذاب بهم وأنفسهم في أيديهم بعد فقبل ، وهو ما ذكر عز وجل ( وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم )الآية[ الأعراف : 171 ] آمنوا عندما عاينوا قبل أن يقع بهم [ العذاب ][ ساقطة من الأصل وم ] وسائر الأمم الخالية كان منهم الإيمان بعد وقوع العذاب بهم من نحو عاد وثمود وأمثالهم . وأصله ما ذكرنا آنفا .

وقوله تعالى : ( لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) قوله ( كشفنا عنهم ) الوعد بحلول العذاب بهم ، وعذاب الخزي هو العذاب الفاضح ، وإلا الخزي هو العذاب .