تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{الٓرۚ كِتَٰبٌ أُحۡكِمَتۡ ءَايَٰتُهُۥ ثُمَّ فُصِّلَتۡ مِن لَّدُنۡ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} (1)

مقدمة السورة:

السورة التي ذكر فيها هود عليه السلام

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله تعالى : ( الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ ) قال الحسن ( أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ) بالأمر والنهي ( ثم فصلت ) بالوعد والوعيد . وقال بضعهم ( أحكمت آياته ) حتى لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها ، ولا يملك أحد التبديل ( ثم فصلت ) بينت ما يؤتى ، وما يتقى ، أو بينت ما لهم ، وما عليهم ، وما لله عليهم . وقال بعضهم : ( أحكمت آياته ) فلم تنسخ ( ثم فصلت ) بالحلال والحرام .

وقيل : ( فصلت ) أي فرقت في الإنزال ؛ أنزل شيء بعد شيء على قدر النوازل والأسباب ؛ فلم ينزل جملة لأنه لو أنزل جملة لاحتاجوا أن يعرفوا لكل سببه وشأنه وخصوصه وعمومه .

فإذا أنزل متفرقا في أوقات مختلفة على النوازل والأسباب عرفوا ذلك على غير إعلام ولا بيان . والتفصيل اسم التفريق واسم التبيين . وذلك يحتمل المعنيين جميعا ، والله أعلم .

وقوله تعالى : ( أحكمت آياته ) أي أحكمت حتى [ لا ][ من م ، ساقطة من الأصل ] يرد عليها النقض والانتقاص ، أو ( أحكمت ) حتى لا يملك أحد التبديل والتغيير أو ( أحكمت ) عن أن يقع فيها الاختلاف .

وقال بعضهم : ( أحكمت آياته ) بالفرائض ( ثُمَّ فُصِّلَتْ ) بالثواب والعقاب .

ثم الآيات تحتمل وجوها : أحدها : العبر ، والثاني : الحجج ، الثالث : العلامات[ في الأصل وم : العلامة ] . ثم الآية كل كلمة في القرآن تمت ، فهي عبرة أو حجة أو علامة لا تخلو من أحد هذه الوجوه الثلاثة .

وقوله تعالى : ( مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ) من عند حكيم خبير جاءت هذه الآيات .