تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَآ أَنتُمۡ عَٰبِدُونَ مَآ أَعۡبُدُ} (3)

الآيات 2 5 : وقوله تعالى : { لا أعبد ما تعبدون } أنتم الآن { ولا أنتم عابدون ما أعبد } { ولا أنا عابد ما عبدتم } في ما بعد اليوم { ولا أنتم عابدون ما أعبد }{[24105]} .

وقال بعضهم : الأول في ما مضى من الوقت ، والثاني : إخبار عن الحال ، والآخر في ما بقي من الوقت ، ولكن لا يجيء أن يكون هكذا ، بل يجيء به أن يكون قوله : { لا أعبد ما تعبدون } في حادث الوقت ، لأن حرف : { لا } إنما يستعمل في حادث الأوقات ، يقول الرجل : لا أفعل كذا ، يريد به حادث الوقت ، وقوله : { ولا أنتم عابدون ما أعبد } كذلك أيضا في حادث الأوقات ، أو إخبار عن الحال .

وقوله تعالى : { ولا أنا عابد ما عبدتم } إنما هو إخبار عن الماضي من الأوقات ، كأنه يقول : لم أكن أنا عابدا { ما عبدتم }{[24106]} قط في وقت من الأوقات . وهذا يدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن عبد غير الله قط .

وفي هذه السورة وجهان من الدلالة :

أحدهما : ما ذكرنا من إثبات الرسالة .

والثاني : إخبار عن الإياس لهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن يرجع إلى دينهم أبدا ، وقطع رجائهم وطمعهم في ذلك .

وفيه أيضا أن من أشرك ( غير الله في عبادته ){[24107]} سبحانه وتعالى وعبد غيره دونه على رجاء القربة إلى الله تعالى ، فهو ليس بعابد الله تعالى ولا موحد له ؛ لأن أولئك إنما عبدوا الأصنام رجاء أن تشفع لهم ، ورجاء أن تقربهم إلى الله زلفى . أخبر أنها لا تقربهم زلفى ، وأنهم ليسوا بموحدين ولا عابدين لله تعالى .


[24105]:ساقطة من الأصل وم
[24106]:ساقطة من الأصل وم
[24107]:في الأصل وم: غيره في عبادة الله