تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{لَكُمۡ دِينُكُمۡ وَلِيَ دِينِ} (6)

الآية6 : وقوله تعالى : { لكم دينكم ولي دين } يحتمل وجهين{[24108]} :

أحدهما : لكم جزاء دينكم ، ولي الجزاء ديني الذي دنت .

والثاني : على المنابذة والإياس : لكم ما اخترتم من الدين ، ولي ما اخترت ، لا يعود واحد منا إلى دين الآخر . وكان قبل ذلك يطمع كل فريق عود الفريق الآخر إلى دينهم الذي هم عليه .

وقوله تعالى : { قل يا أيها الكافرون } { لا أعبد ما تعبدون } ليس على الأمر ( على ما ذكرنا في سورة الإخلاص المعوذتين ؛ إذ لو كان على الأمر للزم{[24109]} أن يقول كل واحد منا لكل كافر ذلك . فإذا لم يلزم دل أنه ليس على الأمر ){[24110]} .

وفي حرف ابن مسعود رضي الله عنه : قل للذين / 655 ب/ كفروا : { لا أعبد ما تعبدون } { ولا أنتم عابدون ما أعبد } { ولا أنا عابد ما عبدتم }{[24111]} { ولا أنتم عابدون ما أعبد } { لكم دينكم ولي دين } .

وعنه أنه قال : من قرأ هذه السورة فقد أكثر ، وأطنب .

وفي حديث مرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لرجل : " إذا قربت إلى فراشك فاقرأ : { قل يا أيها الكافرون } فإنه براءة من الشرك " ( الترمذي 3403 ) .

وأهل التأويل يقولون : إن سبب نزول هذه منابذته إياهم أن رهطا من قريش قالوا : يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هلم ، فلتعبد ما نعبد ، واعبد ما نعبد نحن ، فيكون أمرنا أمرا واحدا ، فنزلت هذه السورة .

قال أبو عوسجة : الدين : العادة ، تقول : هذا ديني ، أي عادتي .

ثم المعنى الذي وقع عليه التكرار لهذه الأحرف عندنا أن التكرار حرف جرى الاستعمال به في موضع المبالغة والتأكيد لما قصد به من الكلام ( في أي كلام ){[24112]} كان : رجاء أو وعيدا أو غيره ، كقولهم : بخ بخ ، والويل ( الويل ){[24113]} ، وهيهات هيهات ، وغير ذلك ، فكذلك في هذا الموضع لما وقع الإياس من إيمانهم بالله تعالى بما علم النبي صلى الله عليه وسلم بطريق الوحي أنهم لا يؤمنون ، كرر هذا الكلام تأكيدا للإياس وإبلاغا ، والله أعلم ( والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام ){[24114]} على سيدنا محمد ( وآله وصحبه أجمعين ){[24115]} .


[24108]:في الأصل وم: وجهان
[24109]:في م: فهو يلزم
[24110]:من م: ساقطة من الأصل
[24111]:ساقطة من الأصل وم
[24112]:من م، ساقطة من الأصل
[24113]:ساقطة من الأصل وم
[24114]:في م: وصلى الله
[24115]:ساقطة من الأصل.