تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَرَأَيۡتَ ٱلنَّاسَ يَدۡخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفۡوَاجٗا} (2)

الآية2 : وقوله تعالى : { ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا } ذكر أهل التأويل أنه كان قبل ذلك يدخل واحد واحد . فلما كان فتح مكة جعلوا يدخلون دينه أفواجا أفواجا ، وقبيلة قبيلة .

ويحتمل ما ذكرنا من سائر الفتوح أي فتوح الأمور التي ذكرنا على ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " نصرت بالرعب مسيرة شهرين : شهرا أمامي ، وشهرا ورائي " ( الطبراني في الكبير 6674 ) .

ثم في قوله تعالى : { إذا جاء نصر الله والفتح } { ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا } نعي رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجوه ، وقد ذكر في الأخبار أنه نعي إليه نفسه بهذه السورة .

أحدها : ما ذكرنا من جهة الاستدلال عرف أنه قد دنا أجله ( حين أتم ){[24121]} ما أمر به ، وفرغ منه من التبليغ والدعاء .

والثاني : عرف ذلك اطلاعا من الله تعالى أطلعه عليه بعلامات جعلها له ، ففهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا تدرك أفهامنا ذلك .

والثالث : لما كفي مؤونة القيام بالتبليغ بنفسه عرف بذلك حضور أجله ، وهو نوع من الدلالة .

ووجه الدلالة أن القوم لما دخلوا في دين الله فوجا فوجا دل ذلك على ظهور الإسلام وكثرة أهله ، فكانت الغلبة والنصر دليل الأمن من الزوال عما هم عليه من الدين إذا زال الرسول .


[24121]:في الأصل: حيث، في م: حيث أتم