تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ ٱلۡكَبِيرُ ٱلۡمُتَعَالِ} (9)

[ وقوله تعالى ][ ساقطة من الأصل وم ] : ( عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ) قال بعضهم : لا يغيب عنه شيء ، ولكن هو عالم بالذي يغيب عن الخلق ، ويشهده الخلق ، أي ما يغيب عنهم ، وما يشهدونه ، عنده بمحل واحد في العلم به .

وقال بعضهم : ( عالم الغيب والشهادة ) ما غاب بنفسه ، وما شهده بنفسه ، هو ما لم يوجد يعلم[ في الأصل وم : بعد ] أنه يوجد أو لا يوجد ، وإذا وجد كيف يوجد ؟ وفي أي وقت يوجد ؟ وما وجد[ في الأصل وم : جد ] ، وشهد بعلمه ، يعلمه شاهدا موجودا ؛ على هذين الوجهين يجوز أن تخرج الآية ، والله أعلم .

ويعلم ما غاب عنهم مما شهدوا من نحو قوة الطعام والقوة التي في الماء وماهية البصر والسمع والعقل والروح وكيفيتها . وهذا كله مما غاب عن الخلق .

وقوله تعالى : ( الكبير المتعال ) المتعالي عن جميع ما يحتمله الخلق . يقال : هذا عظيم القوم وكبيرهم ، وهذا واحد زمانه ، لا يعنون [ به عظم ][ في الأصل وم : عظيم ] النفس وكبره أو توحده من حيث نفاذ الأمر له والمشيئة فيهم والعز والسلطان وذلة[ في الأصل وم : وله ] الخلق والخضوع له .

فعلى ذلك لا يفهم في ما وصف به ما يفهم من الخلق من عظم الجسم وكبر النفس ، وعلى ذلك ما وصف هو بأسماء لا يحتمل ذلك في الخلق ؛ يقال : أول وآخر وظاهر وباطن وعظيم ولطيف ليعلم أنه ليس يفهم مما أضيف إليه ، ووصف هو به ما يفهم مما يضاف إلى الخلق ، إذ من قيل [ عنه ][ ساقطة من الأصل وم ] في الشاهد : إنه عظيم ، لم يقل : إنه لطيف ، ومن قيل : إنه أول ، لم يقل : إنه[ في الأصل وم : به ] آخر ، وكذلك الظاهر والباطن إذا وصف بأحدهما انتفى عنه الآخر ، وكذلك مما وصف به الغائب ، وأضيف إليه ، ليعلم أنه لا يفهم ما يوصف هو به ، ويضاف إليه ، ما يفهم مما وصف به الخلق وأضيف إليهم ، والله أعلم .