تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{لَهُۥ مُعَقِّبَٰتٞ مِّنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ يَحۡفَظُونَهُۥ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡۗ وَإِذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ سُوٓءٗا فَلَا مَرَدَّ لَهُۥۚ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَالٍ} (11)

وقوله تعالى : ( له معقبات ) قال بعضهم : هم الأمراء والشرط الذين يحفظونه في ظواهر من أمره ؛ يخبر أنه محفوظ عليه الخفيات من أمره حين[ في الأصل وم : حيث ] قال : ( سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ) الآية ؛ حين أخبر أنه يعلم ذلك ، ومحفوظ عليه [ الخفيات و ][ ساقطة من الأصل وم ] الظواهر من أمره .

وقال بعضهم : ( له معقبات ) الملائكة الذين يحفظونه . وعلى ذلك روي في الخبر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- [ أنه ][ ساقطة من الأصل وم ] قال : «يجتمعون فيكم عند صلاة الصبح وعند صلاة العصر »[ ابن جرير الطبري في تفسيره : 8/116 ] [ وقوله تعالى ][ ساقطة من الأصل وم ] ( من بين يديه ومن خلقه يحفظونه من أمر الله ) مثل قوله : ( عن اليمين وعن الشمال قعيد )[ ق : 17 ] قال : الحسنات من بين يديه والسيئات من خلفه ، الذي عن يمينه .

وقوله تعالى : ( له معقبات ) يحتمل أي لله معقبات يحفظونه ، ويحتمل من كل ذكر وأنثى ، يكون مثله قوله : ( الله يعلم ما تحمل كل أنثى )[ الآية : 8 ] .

وقوله تعالى : ( يحفظونه من أمر الله ) يحتمل قوله ( يحفظونه من أمر الله ) أي يحفظون نفسه من البلايا والنكبات التي تنزل على بني آدم . فإن كان في حفظ نفسه فقوله ( من أمر الله ) أي من عذاب الله وبلاياه ( حتى إذا جاء أمرنا )[ هود : 40 ] وهو عذابنا .

ويحتمل قوله : ( يحفظونه ) يحفظون أعماله بأمر الله . ثم يحتمل قوله : ( من بين يديه ومن خلقه ) الشرور والسيئات . ويحتمل قوله : ( من بين يديه ) ما قدم من الأعمال ( ومن خلفه ) ما بقي ، وأخر كقوله : ( علمت نفس ما قدمنت وأخرت )[ الانفطار : 5 ] ويحتمل ( من بين يديه ) ما مضى من الوقت ( ومن خلفه ) ما بقي ، والله أعلم .

وقوله تعالى : /261-ب/ ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) يشبه أن تكون هذه النعمة نعمة الدين من رسول الله أو القرآن أو ما كان في أمر الدين ، لا يغير ذلك عليهم إلا بتغيير يكون منهم كقوله : ( ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم )[ التوبة : 127 ] وكقوله : ( فلما أزاغ الله قلوبهم )[ الصف : 5 ] .

ويحتمل أن يكون ذلك من النعمة الدنياوية من الصحة والسلامة والمال ، لا يغير ذلك عليهم إلا بتغيير ذلك من أنفسهم .

فإن قيل : إن الأنبياء قد كانوا بلوا بشدائد وبلايا ، ولا يحتمل أن يكون ذلك منهم في التغيير ، قيل : أبدلت لهم مكان تلك النعمة خير منها ، فليس ذلك بتغيير ، ولكن لما ذكرنا أنه أبدلت لهم مكان النعمة نعمة هي خير منها ثم [ ما ][ من م ، ساقطة من الأصل ] كان من النعم والأفضال من الطاعات [ التي ][ ساقطة من الأصل وم ] لها حق التجدد والحدوث يكون التغيير عليهم حالة اختيارهم وتغييرهم على أنفسهم .

وأما الأفعال التي لها حق البقاء فيكون التغيير من الله من بعد ، وهي[ في الأصل وم : وهو ] من نحو السلامة والصحة والسعة [ والتي لها ][ في الأصل وم : والذي ] حق التجدد والحدوث الطاعات والمعاصي .

وقوله تعالى : ( وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له ) الآية ترد على المعتزلة قولهم ، لأنهم يقولون : إنه لا يريد إلا ما هو أصلح لهم في الدين ، وقد أخبر أنه إذا أراد بهم سوءا فلا مرد له . دل هذا أنه يريد بهم السوء إذا غيروا هم ما أنهم الله عليهم ، أراد أن يغير عليهم [ وترد أيضا ][ في الأصل وم : و ] على المعتزلة قولهم لأنه يقولون : يملك الخلق دفع السوء أراده الله بهم ، وإذا أراد الخير يملكون رد ذلك ، والله يقول : ( إن يردك بخير فلا راد لفضله )[ يونس : 107 ] ويقول[ في الأصل وم : و ] : ( وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له ) .

وقوله تعالى : ( وما لهم من دونه من وال ) أي ليس [ لهم من ][ ساقطة من الأصل وم ] دفع العذاب الذي أراد بهم ولي ، يدفع عنهم ، أو نصير ينصرهم كقوله : ( وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير )[ البقرة : 107 ] .