تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ٱللَّهُ يَعۡلَمُ مَا تَحۡمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ ٱلۡأَرۡحَامُ وَمَا تَزۡدَادُۚ وَكُلُّ شَيۡءٍ عِندَهُۥ بِمِقۡدَارٍ} (8)

وقوله تعالى : ( اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى ) قيل : يعلم أنها حملت أنثى ذكرا مستويا أو غير مستو مؤوفا ؛ يخبر عز وجل عن علمه وقدرته أنه لا يخفى عليه شيء ، ولا يعجزه شيء .

فإن قيل : هذا دعوى ، من الذي يعلمنا أنه يعلم ذلك ؟ قيل : اتساق تدبيره ولطفه يدل على علم ذلك فيه حين[ في الأصل وم : حيث ] رباه فيه ، وأنشأه مستويا غير مؤوف سليما من الآفات ، ونماء الحوائج كلها على الاستواء ؛ لا يكون بعضها أنقص من بعض ، وبعضها أتم [ من بعض ][ ساقطة من الأصل وم ] نحو العينين ، تراهما مستويتين لا زيادة في إحداهما دون الأخرى بل تنموان على الاستواء ، وكذلك [ اليدان والرجلان والأذنان وأمثالها ][ في الأصل وم : اليدين والرجلين والأذنين وأمثاله ] .

فدل ذلك على العلم له به والتدبير ، وقوله تعالى : ( وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَاد ) أي يعلم ما تنقص[ في الأصل وم : تغيض ] وما تزداد . قال عامة أهل التأويل ( وَمَا تَغِيضُ الأرحام ) ما تنقص عن تسعة[ في الأصل وم : التسعة ] الأشهر ( وما تزداد ) على تسعة[ في الأصل وم : التسعة ] الأشهر ؛ فكان الحسن يقول : غيضوضة الرحم أن تضع لستة أشهر أو ثمانية ، وأما الزيادة فما زاد عن تسعة أشهر .

وفي حرف أبي [ بن كعب ][ ساقطة من الأصل وم ] : ( الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تضع ) . ولكن يحتمل قوله : ( وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ ) وجهين :

أحدهما : ( وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ ) أي ما لا تحمل شيئا ، وهي التي تكون عقيما لا تليد ، والغيضوضة تكون [ في ][ ساقطة من الأصل وم ] ذهاب الشيء . قال الله تعالى : ( وغيض الماء )[ هود : 44 ] أي ذهب . ( وما تزداد ) أي ما تحمل ( وما تغيض الأرحام ) فتلد بدون الوقت الذي تلد النساء ( وما تزداد ) في زيادة عدد الأولاد ونقصان ما تحمل واحدا أو أكثر من واحد .

والثاني[ في الأصل وم : أو ] : يكون في زيادة قدر الولد ونقصانه ؛ لأن من الولد ما يصيبه في البطن آفة فلا يزال يزداد ، أو له[ في الأصل وم : وله ] نقصان في البطن ، ومنه ما ينمو ويزداد وأمثاله والله أعلم .

[ وقوله تعالى ][ ساقطة من الأصل وم ] : ( وكل شيء عنده بمقدار ) مقدر بالتقدير ، ليس على الجزاف على ما يكون عند الخلق ، ولكنه بتقدير وتدبير .