تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{كَلَّاۚ سَيَكۡفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمۡ وَيَكُونُونَ عَلَيۡهِمۡ ضِدًّا} (82)

الآيتان 81 و82 : وقوله تعالى : { واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا } { كلا } فإن كان على حقيقة العز فهو في القادة منهم والمتبوعين الذين عبدوا تلك الأصنام ليتعززوا بذلك ، ولا يذلوا{[12092]} ، وتدوم لهم الرئاسة التي كانت لهم في الدنيا . فظنوا أنهم إن آمنوا تذهب تلك الرئاسة والمأكلة عنهم .

ويحتمل قوله : { ليكونوا لهم عزا } أي نصرا ومنعة . فإن كان هذا فهو في الرؤساء منهم والأتباع في الدنيا والآخرة .

أما ما طمعوا بعبادتهم الأصنام [ فهو ]{[12093]} النصر في الآخرة ، وهو كقولهم : { ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى } [ الزمر : 3 ] وقولهم{[12094]} : { هؤلاء شفعاؤنا عند الله } [ يونس : 18 ] طمعوا بعبادتهم الأصنام النصر والشفاعة في الآخرة .

وأما في الدنيا [ فقد ] {[12095]} ظنوا أن آلهتهم التي [ اتخذوها ، وعبدوها ، تنصرهم ] {[12096]} في الدنيا حين{[12097]} قالوا : { إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء } [ هود : 54 ] فكيف ما كان فقد رد الله تعالى عليهم ما طمعوا : عزا كان أو نصرا .

يقول : { كلا } لأنهم أذلوا [ أنفسهم لخشب ] {[12098]} وحنوا ظهورهم لها . فكفى بذلك [ ذلا وصغارا .

وقوله تعالى : { سيكفرون بعبادتهم } قال الحسن : سيكفر عباد الأصنام في الدنيا ، ومن عبدوها{[12099]} في الآخرة أنهم ما كفروا وما عبدوها كقوله : { ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ] {[12100]} ربنا ما كنا مشركين } [ الأنعام : 23 ] . ينكرون في الآخرة أن يكونوا أشركوا فيه غيره{[12101]} ، أو عبدوا دونه .

وقال غيره من أهل التأويل : سيكفر المعبودون بالعابدين ، ويتبرؤون منهم ، وهو كقوله : { وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون } [ يونس : 28 ] وقوله : { فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون } [ النحل : 86 ] ونحوه .

وقوله تعالى : { ويكونوا عليهم ضدا } قال بعضهم : { ضدا } أي عونا . وتأويل العون هو أن تُلقى الأصنام معهم في النار ، فيحرقون فيها معهم ، فيزداد لهم عذابا ، فكانت [ عونا ] {[12102]} على إحراقهم . فعلى هذا يخرج .

وقول من{[12103]} يقول : الضد البلاء [ هو أن ] {[12104]} يكونوا بلاء عليهم على ما ذكرنا ، وهو ما قال : { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم } الآية [ الأنبياء : 98 ] فإذا صاروا حصبا كانوا بلاء وعونا على إحراقهم .

وقال بعضهم : { ويكونون عليهم ضدا } أي قرناء النار ؛ [ يخاصم ] {[12105]} بعضهم بعضا ، ويتبرأ بعضهم من بعض ، ويكذب{[12106]} بعضهم بعضا . فذلك كله { ويكونون عليهم ضدا } ما طمعوا منها لأنهم عبدوها في الدنيا رجاء أن يكونوا لهم شفعاء في الآخرة ونصراء ، فكانوا لهم على ضد ذلك أعداء .

قال ابن عباس : { ويكونون عليهم ضدا } أي حسرة ، وكله واحد .


[12092]:في الأصل وم: يذلون.
[12093]:ساقطة من الأصل وم.
[12094]:في الأصل وم: و.
[12095]:ساقطة من الأصل وم.
[12096]:في الأصل: اتخذوا وعبدوها ينصرونهم، في م: عبدوها ينصرونهم.
[12097]:في الأصل وم: حيث.
[12098]:من م، في الأصل: لأنفسهم الخشب.
[12099]:في م، عبدوه.
[12100]:من م، ساقطة من الأصل.
[12101]:في الأصل وم: وغيره.
[12102]:ساقطة من الأصل وم.
[12103]:في الأصل: ومن.
[12104]:في الأصل وم: أي.
[12105]:ساقطة من الأصل وم.
[12106]:من م، في الأصل: ويخاصم.