تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{لَّا يَمۡلِكُونَ ٱلشَّفَٰعَةَ إِلَّا مَنِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحۡمَٰنِ عَهۡدٗا} (87)

الآية 87 : وقوله تعالى : { لا يملكون الشفاعة } الشفاعة إنما تكون في من استوجب العذاب والعقوبة . فأما من ، لا عقوبة عليه ، مغفور الذنب ، فإنه لا معنى لها [ فيه ] {[12122]} فهو يرد على المعتزلة مذهبهم : أن صاحب الكبيرة ، لا يغفر له ، وصاحب صغيرة مغفور له . فالشفاعة التي ذكر لا تخلو : إما أن تكون لأهل الكبائر ، فيغفر لهم بالشفاعة ، فيبطل قولهم ، وإما{[12123]} لأهل الصغائر فله تعذيبهم . فكيف ما كان فهو يرد قولهم : إنه{[12124]} لا معنى لذكر الشفاعة في المغفورين .

وقالوا : إن الشفاعة في الشاهد أن تُذكر محاسن الإنسان عند آخر ليعرف محاسنه ومناقبه ، لتكون له منزلة وقدر عنده . لكن مثل هذا يجوز لمن{[12125]} يجهل ذلك ، ولا يعرف محاسنه ، فأما الله عز وجل هو عالم بذاته ، يعلم حال كل أحد ، فلا يحتمل ذلك .

وقوله تعالى : { إلا من اتخذ عند الرحمان عهدا } قال بعضهم : شهادة لا إله إلا الله . وقال بعضهم : العمل الصالح . وقال بعضهم : الصلاة على ما ذكرنا .

وأصل العهد هو أن يشترط عليه شرط الوفاء حتى بما شرط عليه ، وهو الوفاء بما أمر به ، ونهي عنه ، والله أعلم .


[12122]:ساقطة من الأصل وم.
[12123]:في الأصل وم: أو.
[12124]:في الأصل وم: إذ.
[12125]:في الأصل وم: من.