تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ سَيَجۡعَلُ لَهُمُ ٱلرَّحۡمَٰنُ وُدّٗا} (96)

الآية 96 : وقوله تعالى : { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمان ودا } يحتمل هذا وجوها .

أحدها : خاطب أهل مكة : إنكم إذا آمنتم ، وعملتم الأعمال الصالحات ، يرفع ما بينكم من التباغض والتعادي ، فيبدل مكانه المحبة والمودة كقوله : { واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا } [ آل عمران : 103 ] أخبر أنهم صاروا بالإيمان إخوانا مؤلفة قلوبهم بنعمة من الله وفضله .

والثاني : { سيجعل لهم الرحمان ودا } في الجنة ، أن ينزع ما في قلوبهم من غل وغش كقوله : { ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين } [ الحجر : 47 ] .

والثالث : { سيجعل لهم الرحمان ودا } في قلوب الأنبياء والأخيار وأصحاب الدين لأنهم إنما ينظرون إلى الإنسان لدينه ولخلوص عمله لله وصفائه له لا إلى الدنيا وما تحويه يده .

وجائز أن يكون على ما روت{[12136]} الأخبار ، إن ثبتت : روي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، [ أنه ] {[12137]} قال : ( إذا أحب الله عبدا نادى : أحببت فلانا ، فأحبوه ) [ البخاري 3209 ] وكذلك هذا في البغض .

وقال كعب : وجدت في التوراة أنه لم تكن محبة لأحد من أهل الأرض حتى يكون بدؤها من الله تعالى ؛ ينزلها على أهل السماء ثم على أهل الأرض ، وكذلك في البغض . ثم قال : وكذلك وجدت في القرآن ، فقرأ هذه الآية : { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمان ودا } يحبهم ، ويحببهم إلى المؤمنين ، في صدورهم .

فعلى هذا ، إن ثبتت ، يجب أن يخاف المرء على نفسه إذا رأى الناس [ لا يحبونه ] {[12138]} أن يكون ذلك من سوء عمله ، والله أعلم .


[12136]:في الأصل وم: رويت.
[12137]:ساقطة من الأصل وم.
[12138]:2 ساقطة من الأصل وم.