تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَلَمَّآ أَنۡ أَرَادَ أَن يَبۡطِشَ بِٱلَّذِي هُوَ عَدُوّٞ لَّهُمَا قَالَ يَٰمُوسَىٰٓ أَتُرِيدُ أَن تَقۡتُلَنِي كَمَا قَتَلۡتَ نَفۡسَۢا بِٱلۡأَمۡسِۖ إِن تُرِيدُ إِلَّآ أَن تَكُونَ جَبَّارٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلۡمُصۡلِحِينَ} (19)

[ الآية 19 ] [ وقوله تعالى ]{[15280]} : { قال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس } اختلف في قائل هذا : قال عامة أهل التأويل : إن قائل هذا هو الذي استصرخه ، واستغاثه ؛ قالوا : لأنه ظن أن موسى إنما أراد بطشه وأخذه ، وإليه قصد ، لذلك قال : { أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس } .

وقال قائلون : هذا القول إنما قاله{[15281]} ذلك القبطي .

فإن كان هذا فهو يدل أن قتله ذلك الرجل بالأمس كان ظاهرا حتى{[15282]} علم به القبطي ، وكان قوله : { على حين غفلة من أهلها } أي من دخول موسى المدينة .

وإن كان هو الأول كان قتله إياه خفيا غير ظاهر . فعلى هذا تكون الغفلة على أهل المدينة لا على دخول موسى ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين } لأن الذي يصلح بين اثنين لا يقتل ، ولا يأخذ أحدهما دون الآخر ، ولكن يصلح بينهما على السواء . لذلك{[15283]} قال ما قال .

وقوله تعالى : { إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض } قال بعضهم : يقول : هكذا فعل الجبابرة [ أن ]{[15284]} تقتل النفس بغير نفس . وقال بعضهم : الجبابرة تقتل النفس بغير نفس . وقال بعضهم : الجبار ، هو الذي يحمل الناس على هواه وعلى ما يريده ، ويقهرهم على ذلك ، شاؤوا أو أبوا . وقال بعضهم : الجبار ، هو الذي تكبر على الناس ، لا يرى أحدا لنفسه نظيرا ، أو كلام نحوه ، ويقال : كل قاتل آخر على الغضب بغير حق فهو جبار .


[15280]:- في الأصل وم: ثم.
[15281]:- في الأصل وم: قال له.
[15282]:- في الأصل وم: حيث.
[15283]:- في الأصل وم: الذي.
[15284]:- ساقطة من الأصل وم.