تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُۥ وَٱسۡتَوَىٰٓ ءَاتَيۡنَٰهُ حُكۡمٗا وَعِلۡمٗاۚ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (14)

[ الآية 14 ] وقوله تعالى : { ولما بلغ أشده واستوى } قال بعض أهل التأويل : الأشد هو ما بين ثماني عشرة سنة وثلاثين سنة ، ثم ما بين الثلاثين إلى الأربعين [ استواء الشدة ، ثم يأخذ بعد الأربعين ]{[15256]} في النقصان ، ثم غير بعمره الأربعين سنة .

وقال بعضهم : [ أريد بقوله ]{[15257]} { بلغ أشده } ثلاث وثلاثون سنة { واستوى } أربعون .

وعن ابن عباس مثله . وقال بعضهم : { بلغ أشده } قال : الأشد الحلم ، والاستواء أربعون سنة .

وأصل الأشد أن يشتد كل شيء منه ، وصار يحتمل ما قصد به وجعل فيه ، ويدخل في ذلك العقل وكل شيء ، { واستوى } [ أي استوى ]{[15258]} ذلك واستحكم ، وصار بحيث يحتمل ذلك .

وجائز أن يكون الاستواء هو الأشد الذي ذكر .

وقال أبو عوسجة والقتبي : { واستوى } أي استحكم وانتهى شبابه واستقر ، فلم تكن فيه زيادة .

وأصله ما ذكرنا ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { آتيناه حكما وعلما } أي آتيناه الحكم{[15259]} الذي يحكم به بين الناس { وعلما } بمصالح نفسه ومصالح الخلق .

وقال بعض أهل التأويل : الحكم الفقه والعقل ، والعلم قيل : النبوة .

وقوله تعالى : { وكذلك نجزي المحسنين } يحتمل قوله : { وكذلك نجزي المحسنين } في الآخرة بالوعد الذي وعد لهم في الدنيا كما جزى موسى بإنجاز ما وعد له{[15260]} أو أن يكون من موسى إحسان وجهد في طلب العلم وغير ذلك مما أعطاه ذلك ، وأخبر أنه كذلك يجزي من ذكر كقوله { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا } [ العنكبوت : 69 ] وقوله : { ولتعلم أن وعد الله حق } [ القصص : 13 ] كان وعده إياها أن يرده إليها ، ويجعله من المرسلين ، ومعناه ما ذكر في ما تقدم . قال الكسائي : يقال امرأة مرضع ما دامت ترضع ، فإذا فطمت سميت مرضعة ما دامت حبلى فهي مرضعة ، أي سترضع .


[15256]:- من م، ساقطة من الأصل.
[15257]:- من نسخة الحرم المكي، ساقطة من الأصل وم.
[15258]:- من م، ساقطة من الأصل.
[15259]:- في الأصل وم: العلم.
[15260]:- من م، في الأصل: لهم.