تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمۡتُ نَفۡسِي فَٱغۡفِرۡ لِي فَغَفَرَ لَهُۥٓۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ} (16)

[ الآية 16 ] وقوله تعالى : { قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي } الآية .

وفيه دلالة جواز الاستدلال لقول أبي حنيفة حين{[15266]} قال : من قتل آخر بحجر عظيم أو بخشبة عظيمة مما لا ينجو من مثله فإنه{[15267]} لا يقتل به ، ولا يجب القصاص فيه ، لأن موسى لما وكز ذلك القبطي [ مات ، وذكر ]{[15268]} أن له قوة أربعين رجلا ، لم ير القصاص به واجبا حين{[15269]} قال له ذلك الرجل : { يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين } { فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين } [ القصص : 20و21 ] .

ولو كان القصاص واجبا لكان أولئك لم يكونوا ظلمة في قتله ، بل يكون هو الظالم فيه ، ولا يحتل أن يكون القصاص واجبا أيضا ، وموسى يفر من ذلك ، ويهرب . وفي ذلك إبطال حقهم .

دل أنه لم يجب ، ولا شك أن وكزة من له قوة أربعين رجلا إلى الهلاك أسرع وأقرب{[15270]} وأعمل من الضرب بالحجر العظيم والخشبة العظيمة . وإذا لم يجب في هذا لم يجب في ذاك ، والله أعلم .


[15266]:- في الأصل ومن: حيث.
[15267]:- الفاء ساقطة من الأصل وم.
[15268]:- في الأصل وم: فمات وكز.
[15269]:- في الأصل وم: حيث.
[15270]:- في الأصل وم: فالأقرب.