تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{لَا يَسۡتَطِيعُونَ نَصۡرَهُمۡ وَهُمۡ لَهُمۡ جُندٞ مُّحۡضَرُونَ} (75)

الآيتان 74 و75 قوله تعالى : { واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون } { لا يستطيعون نصرهم } يخبر عن سفههم وقلة بصرهم لاتخاذهم الأصنام آلهة وعبادتهم إياها رجاء النصر لهم وتركهم عبادة الله على وجود المعونة والنصر منه وجعله كل شيء لهم .

ثم يكون رجاؤهم ذلك{[17556]} ما قالوا : { هؤلاء شفعاؤنا عند الله } [ يونس : 18 ] [ وقالوا ]{[17557]} : { ما نعبدهم إلا ليقرّبونا إلى الله زلفى } [ الزمر : 3 ] وذلك في الآخرة .

ويحتمل رجاء النصر لهم بعبادتهم الأصنام في الدنيا دفع{[17558]} ما ينزل بهم من البلايا والشدائد كقوله : { وإذا مسّكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه } [ الإسراء : 67 ] .

ثم أخبر أن الأصنام التي يعبدونها وما رجوا منها { لا يستطيعون نصرهم } وما رجوا من شفاعتهم والنصر لهم .

وأخبر أن ما عبدوا دونه يصيرون أعداء لهم بقوله{[17559]} : { وهم لهم جُند محضرون } في الآخرة كقوله : { واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزّا } [ مريم : 71 ] هذا على تأويل بعضهم من أهل التأويل بجعل الأصنام جندا عليهم وأعداء لهم على ما ذكرنا .

ويحتمل قوله : { وهم لهم جُند محضرون } أي المشركون جند للآهلة التي يعبدونها ، أي هم يتعصّبون{[17560]} لها ، ويقومون في دفع من همّ بها فسادا وإهلاكا ، أعني أصنامهم التي كانوا يعبدونها كقوله { حرّقوه وانصروا آلهتكم } [ الأنبياء : 28 ] .

ثم اختلف فيه : قال بعضهم : ذلك في الآخرة . وقال بعضهم : ذلك في الدنيا ، والله أعلم .


[17556]:.في الأصل و: بذلك.
[17557]:في الأصل وم: و
[17558]:أدرج قبلها في الأصل وم: في.
[17559]:في الأصل وم: قال.
[17560]:في الأصل وم: يقيضون.