تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَفَأَنتَ تُسۡمِعُ ٱلصُّمَّ أَوۡ تَهۡدِي ٱلۡعُمۡيَ وَمَن كَانَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (40)

الآية 40 وقوله تعالى : { أفأنت تُسمع الصمّ أو تهدي العُمي } ولا تملك هداية /498-أ/ { ومن كان في ضلال مبين } .

ثم معلوم أنه لم يُرد بالهدى هداية البيان ولا إسماع الآذان ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يملك ذلك كلّه ، وهو فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنه أراد الهداية التي لا يملك إلا هو ، والإسماع [ الذي ]{[1]} لا يملك غيره ، وهو التوفيق والعصمة والرُّشد الذي إذا أعطى من أعطى اهتدى .

يذكر عجز رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك .

وهو على المعتزلة لأنه أخبر أن عنده لطائف وأشياء لم يُعطها كل أحد ، إنما أعطى بعضها دون بعض . فمن أعطاه تلك اللطائف اهتدى ، وهو ما ذكرنا من التوفيق والعصمة .

وعلى قولهم : ليس عند الله شيء يملك به هدايتهم لأنهم يقولون : قد أعطى كل كافر ما لو أراد الكافر أن يهتدي يصير مهتديا بذلك ، ولم يبق عنده شيء يملك بذلك هدايتهم .

فعلى قولهم : عجزه تعالى عن ذلك كعجز رسول الله عن ذلك . وهو إنما ذكر ذلك إعلاما أنه هو المالك لذلك دون عباده .

ومعلوم أنه إنما ذكر على الربوبية والألوهية له [ والله الموفّق ]{[2]} .

وجائز أن يكون قوله تعالى : { أفأنت تُسمع الصمّ أو تهدي العُمى } إنما ذكره لإياس رسول الله صلى الله عليه وسلم من إيمان قوم ، علم الله تعالى أنهم لا يؤمنون ، والله أعلم .


[1]:- في ط ع: سمح.
[2]:- من ط ع: ويشير هذا القول إلى ما رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "... ومن قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار" انظر (سنن الترمذي) ج 5/199 رقم الحديث /2951/.