تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَسۡـَٔلۡ مَنۡ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلۡنَا مِن دُونِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ءَالِهَةٗ يُعۡبَدُونَ} (45)

الآية 45 وقوله تعالى : { واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون } والإشكال أن ما كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم من آيات صدقه أظهره من أمره أن يسأل أهل{[18962]} الكتاب ؛ إذ آيات صدقه معجزات عجزت الكفرة عن إتيان مثلها .

وليس مع من أمره بالسؤال عن ذلك آيات المعجزات . فما معنى سؤال{[18963]} أهل الكتاب ن ذلك ؟

فنقول : من أمره عز وجل إياه بالسؤال عنهم يخرّج على وجهين :

أحدهما : يسألهم سؤال توبيخ وتعيير وسؤال تقرير وتنبيه : هل أتى رسول من الرسل عليهم السلام الذين أرسل من قبلك أو كتاب بالأمر بعبادة غير الله ؟ فيُقرّون جميعا أنه لم يأت رسول بإباحة ذلك ، ولا أُمر أحد منهم بذلك .

والثاني : أن هذا أمر لغيره أن يسألهم ، وإن كان ظاهر الأمر والخطاب له لما ذكرنا أن أدلة صدقه ظهرت{[18964]} من دلالة صدق [ أولئك ]{[18965]} وهو كقوله تعالى : { فلا تقل لهما أفّ ولا تنهرهما } [ الإسراء : 23 ] وكقوله تعالى : { فلا تكونن من الممترين } [ البقرة : 147 و . . . ] [ وكقوله تعالى : { ولا تكوننّ من ]{[18966]} المشركين } [ الأنعام : 14 و . . . ] إذ معلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يشكّ ، ولا يمتري في شيء من ذلك . فرجع الخطاب إلى غير ما ذكر{[18967]} .

ويحتمل أن يكون قوله تعالى : { واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا } الآية أي لو سألتهم عن ذلك لقالوا جميعا : لم يرسل بأمر بعبادة غير الله تعالى ، والله أعلم .

وحكاية عن هذا{[18968]} : سمعت مفسِّرا ببُخارَى يقول : نزلت هذه الآية ليلة المعراج ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل بيت المقدس رأى الرسل والأنبياء عليهم السلام مجتمعين ، ثم تقدّم ، وصلى بهم ركعتين ، فقام جبرائيل عليه السلام من الصف ، وقال : يا محمد : { واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا } .


[18962]:في الأصل وم: من أمر.
[18963]:في الأصل وم: السؤال عن.
[18964]:في الأصل وم: ظهر
[18965]:من م، ساقطة من الأصل.
[18966]:في الأصل وم: و.
[18967]:في الأصل وم: ذكرنا.
[18968]:أدرج بعدها في الأصل وم: وليس من نسخة الأصل.