الآية 13 وقوله تعالى : { يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم } منهم من قرأ { للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم } ومنهم من قرأها{[20607]} مقطوعة من أنظرت .
قال أبو عبيدة : فالاتصال أحب إلينا لأن تأويلها ، والله أعلم : انتظرونا ؛ يقال منه : نظرت فلانا انظره . وأما القراءة الأخرى فإنها من التأخير ؛ يقال منه : أنظرت فلانا أنظره إذا أخرته ، ولا أعرف للتأخير ههنا موضعا .
وقال أبو عوسجة : أنظرته ، ونظرته ، أي انتظرته ؛ يقال منه : نظر نظرة .
ثم الآية دلت على أن أهل النفاق يكونون ببعد من المؤمنين ، ولا{[20608]} ينتفعون بنور المؤمنين . ولكن يرون ذلك اليوم من بعد فيقولون{[20609]} : { انظرونا نقتبس من نوركم } ولو كانوا بقرب منهم ، أو ينتفعون بنورهم لكانوا لا يطلبون منهم الانتظار لهم والاقتباس من نورهم ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا } من الناس من يقول : إن هذا هو الاستهزاء الذي ذكر في آية أخرى أنه يستهزئ بهم حين{[20610]} قال : { الله يستهزئ بهم } [ البقرة : 15 ] بقوله : { ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا } هو ذلك الاستهزاء .
وقلنا نحن في قوله : { الله يستهزئ بهم }أي يجزيهم جزاء استهزائهم الذي استهزؤوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالمؤمنين .
وجائز أن يكون قوله : { ارجعوا وراءكم } ليس على الأمر بالرجوع إلى وراء والتماس النور ، ولكن على التوبيخ والتعبير ، أي النور إنما يطلب من وراء هذا اليوم ، أي من قبل هذا اليوم لا يطلب فيه ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب } .
جائز أن يكون السور الذي ذكر الذي ضرب بينهم ما ذكر في سورة الأعراف حين{[20611]} قال : { وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال } [ الآية : 46 ] السور هو الأعراف الذي ذكر أنه{[20612]} يكون حجابا بين أهل النار وأهل الجنة . يرفع ذلك السور بينهم لئلا ينتفعوا بنور المؤمنين .
وقوله تعالى : { له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب } جائز أن يكون قوله : { له باب } ليس على حقيقة الباب [ ولكن ]{[20613]} كناية عن الطريق والسبيل ؛ يقول : هو طريق وسبيل من يأخذ ذلك السبيل أفضاه إلى الرحمة . ومن سلك ظاهره أفضاه إلى العذاب .
وجائز أن يفتح من النار إلى الجنة باب ، فيرون ما حل بهم من العذاب ، ويرى{[20614]} أهل النار أهل الجنة على [ ما هم ]{[20615]} عليه من النعيم ليزدادوا{[20616]} حسرة وندامة ، أو يكون اطلاعا لا من باب ولكن من السور والأعراف الذي ذكر ، وهو ما قال : { فاطلع فرآه في سواء الجحيم } [ الصافات : 55 ] .
والاطلاع في الظاهر إنما يكون من مكان عال مرتفع إلى موضع منحدر ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.