الآية 19 و قوله تعالى : { والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصدّيقون } سمى المؤمنين صديقين [ والصديق ]{[20634]} لا يقال إلا لمن يكثر منه التصديق ، وقد يكثر منه التصديق ، وقد يكثر من كل مؤمن التصديق ، وإن كان ما يأتي به ، إنما هو شيء واحد ، نحو أنه إذا صدق الله صدق رسله{[20635]} في ما أخبروا عن الله تعالى وفي ما دعوا{[20636]} إلى ما دعوا ، وبلغوا عن الله إلى الناس ، وصدق الخلائق جميعا في ما شهدوا على وحدانية الله تعالى وأوهيته من حيث شهادة الخلقة وشهادة الأخبار في حق المؤمنين . فتصديقه يكثر ، وإن كان الكلام في نفسه يقل ، وهو كما قلنا لأبي حنيفة ، رحمه الله ، في جواز الخطبة بتسبيحه أو تهليله : إنها كلمة وجيزة ، لو فسرت ، وبسطت صارت خطبة طويلة ، والله أعلم .
فإن قيل : إن أبا بكر رضي الله عنه فضل باسم الصديق على غيره من الأمة ، فإذا استحق غيره من المؤمنين هذا الاسم لم يختص هو بتلك الفضيلة .
قيل : إن أبا بكر رضي الله عنه سمي صديقا ، وخص به من بين سائر الصحابة والمؤمنين لمعنى اختص به من غيرهم ، وغيره من المؤمنين [ ما ]{[20637]} سموا صديقين من بين سائر أهل الأرض جميعا إلا في [ مقابلتهم كهو ما ]{[20638]} اختص بهذا الاسم من بين سائرهم إلا في مقابلة النبي وسائر الأنبياء عليهم السلام هذا هو معنى تفضيله . والفضل عند المقابلة يكون .
ويحتمل أن يكون ذلك الاختصاص له للاعتقاد والمعاملة جميعا ، وسائر المؤمنين سموا صديقين للاعتقاد خاصة ، ومن وفّى الأمرين جميعا كان أفضل ممن وفّى أمرا واحدا .
وقوله تعالى : { والشهداء عند ربهم } من الناس من جعل قوله : { والشهداء عند ربهم } على الابتداء مقطوعا من قوله : { أولئك هم الصديقون } ومنهم من وصله به .
فمن قطعه عنه فإنه يقول : الشهداء هم الرسل لقوله تعالى : { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا } ؟ [ النساء : 41 ] وإخباره{[20639]} أن لهم أجرهم .
ومن قال : إنه [ موصول بالأول ]{[20640]} ذهب إلى أن المؤمنين شهداء على الناس كقوله تعالى : { لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا } الآية [ البقرة : 143 ] سماهم شهداء على غيرهم من الأمم ، والله أعلم .
ولأهل الاعتزال أدنى تعلق بظاهر هذه الآية ؛ وذلك أنهم يقولون : إن الله تعالى إذا ذكر المؤمنين على الإطلاق ذكر على إثر ذلك ما وعد لهم من الكرامات والثواب الجزيل ، وإذا ذكرهم مع جريمتهم ذكر الوعيد لهم ؛ يستدلون بذكر الوعيد على إثر ذلك على أنهم قد خرجوا من الإيمان .
لكن ليس لهم بذلك دليل لأنه ذكر مقابل ما ذكر للمؤمنين من الكرامات للكفار الجحيم ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.