تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَٱلۡيَوۡمَ لَا يُؤۡخَذُ مِنكُمۡ فِدۡيَةٞ وَلَا مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ مَأۡوَىٰكُمُ ٱلنَّارُۖ هِيَ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (15)

الآية 15 وقوله تعالى : { فاليوم لا تؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفرا } قرئ بالياء والتاء{[20619]} ، وأكثرهم على الياء ، ومعناهما واحد ، أي لا يكون لهم فذية يومئذ ، ليس أنه تكون له فدية ، ولا تؤخذ ، أو يقول على التمثيل أي لو كان لهم فدية لكانت لا تقبل منهم . يخبر أن أمر الآخرة على خلاف ما يكون في الدنيا ؛ إذ في الدنيا ربما يحتال لدفع البلاء بالفداء مرة وبالشفاعة ثانيا .

وقوله تعالى : { مأواكم النار } أي تأوون إليها .

وقوله تعالى : { هي مولاكم } أي أولى بكم وأحق .

وقوله تعالى : { وبئس المصير } أي بئس ما يصيرون إليها .

ثم في الآية نقض قول المعتزلة في تخليد أصحاب الكبائر في النار ، لأنه تعالى جعل الناس على ثلاث فرق ، وأنزلهم منازل ثلاثة : المنافقين والكافرين كفر تصريح والمؤمنين ، وجعل النار لأهل الكفر وأهل النفاق ، ولم يجعلها لغيرهما ، وصاحب الكبيرة ، ليس هو بمنافق ولا كافر عندهم .

و كذلك ما قسم الله تعالى الناس أقساما ثلاثة : السابقين وأصحاب اليمين وأصحاب الشمال [ وأصحاب الشمال ]{[20620]} هم المكذبون ، وأصحاب الكبائر ليسوا بمكذبين عندهم وهو ما جعل النار إلا للمكذبين :

ألا ترى أنه قال في آخره : { فأما إن كان من المقربين } { فروح وريحان وجنت نعيم } { وأما إن كان من أصحاب اليمين } { فسلام لك من أصحاب اليمين } { وأما إن كان من المكذبين الضالين } { فنزل من حميم } { وتصلية جحيم } ؟ [ الواقعة : 88- 94 ] .

جعل الجنة للمقربين وأصحاب اليمين والنار للمكذبين خاصة ، لم يجعلها لغيرهم . فمن جعلها لغيرهم فهو مخالف لظاهر هذه الآيات التي ذكرنا ، والله أعلم .


[20619]:انظر معجم القراءات القرآنية ج7/84.
[20620]:ساقطة من الأصل و م.