تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقۡنَٰكُم مِّن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوۡلَآ أَخَّرۡتَنِيٓ إِلَىٰٓ أَجَلٖ قَرِيبٖ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (10)

الآية 10 وقوله تعالى : { وأنفقوا من ما رزقناكم } يجوز أن يكون صلة قوله : { لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله } فيمنعكم ذلك عن الإنفاق ؛ فإنكم إذا امتنعتم عن الإنفاق ازداد حبكم ، فتنسون وحدانية الله تعالى وطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام .

وقوله تعالى : { من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب }

قال بعضهم : تمنى الرجعة لما رأى من الهلاك والعذاب حين{[21305]} ترك الحقوق .

وروي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : لو كان ثم خير لم يتمن الرجعة{[21306]} .

ولكن المعنى في ذلك عندنا ، والله أعلم ، أنه يتمنى الرجوع ليتصدق ، ليس الإنفاق خاصة ، ولكن ليتصدق ، وليكون من الصالحين أي الموحدين . وذلك مستقيم أن يقال : إذا ترك التوحيد ، فنزل به الموت فإنه{[21307]} يتمنى الرجوع لما يرى من الهلاك والعقوبة .

ويجوز أن يكون المعنى في هذا إن كانت الآية في المؤمنين الموحدين أنهم يتمنون الرجوع حياء من ربهم لما ارتكبوا من الزلات ، وتركوا ما استوجبوا{[21308]} من الحسنات ، وقصروا في فرض الله تعالى عليهم من العبادات ؛ وحق على كل مؤمن أن يستحيي من ربه إذا لقيه بما ترك من حقوقه التي ألزمها عليه والأسباب الواجبة .


[21305]:في الأصل وم: حيث
[21306]:في الأصل وم: الكفرة
[21307]:الفاء ساقطة من الأصل وم
[21308]:في الأصل وم: يستوجبوا.