تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعۡنَآ إِلَى ٱلۡمَدِينَةِ لَيُخۡرِجَنَّ ٱلۡأَعَزُّ مِنۡهَا ٱلۡأَذَلَّۚ وَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِۦ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَلَٰكِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَا يَعۡلَمُونَ} (8)

الآية 8 وقوله تعالى : { يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل } الأعز : قد يحتمل معاني :

أحدها : الأغلب الأقهر على مثال قوله تعالى : { وعزني في الخطاب } [ ص : 23 ] أي غلبني في الخصومة .

والثاني : الأقوى والأشد على مثال قوله تعالى : { أعزة على الكافرين } ( المائدة : 54 ) .

والثالث : الأعلى والأجل ، وكذلك قوله تعالى : { ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين } .

فإن كان على الأعلى والأجل فذلك أن المؤمنين أعلى وأجل / 571- ب/ لأنهم اتبعوا الحكمة بالحجج ، والكفار اتبعوا أهواءهم . وإن كان على الأغلب والأقهر فذلك للمؤمنين بالغلبة والنصرة على أعدائهم .

وإن كان على القوة والشدة فقد كان ذلك للمؤمنين ، لأنه لو لم يوجد ذلك للمؤمنين لم يكن أهل النفاق يظهرون الوفاق للمؤمنين . ولكنهم لما رأوا القوة والشدة للمؤمنين مرة وللكفار أخرى أظهروا الموافقة للفريقين جميعا . ولذلك قال ذلك المنافق : { ليخرجن الأعز منها الأذل } لأنه لما رأى العزة والشدة للكافرين يوم أحد توهم أنهم يغلبونهم أبدا ، فأظهر النفاق ، وقال عند ذلك { ليخرجن الأعز منها الأذل } والله اعلم .