تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَالَ أَلۡقُواْۖ فَلَمَّآ أَلۡقَوۡاْ سَحَرُوٓاْ أَعۡيُنَ ٱلنَّاسِ وَٱسۡتَرۡهَبُوهُمۡ وَجَآءُو بِسِحۡرٍ عَظِيمٖ} (116)

الآية 116 [ وقوله تعالى ]{[8776]} : { قال ألقوا } كأنه أمره بذلك ، فقال{[8777]} موسى { ألقوا فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم } هذا يدل أن السحر إنما يأخذ الأبصار على غير حقيقة كانت له ، وهو كالسراب الذي يرى من بعيد كقوله تعالى : { يحسبه الظمآن ماء } الآية : [ النور : 39 ] فعلى ذلك السحر يأخذ الأبصار ظاهرا ، فإذا هو في الحقيقة باطل ، لا شيء ، وكالخيال{[8778]} في القلوب لا حقيقة له . وكان قصدهم بالسحر استرهاب الناس وتخويفهم به .

ألا ترى [ أنه ]{[8779]} ذكر في آية أخرى { فأوجس في نفسه خيفة موسى } ؟ [ طه : 67 ] وقد ذكرنا أن ما جاء به الرسل لو كان سحرا في الحقيقة لكان ذلك حجة لهم في إثبات الرسالة ؛ لأن قومهم لم يروهم اختلفوا إلى ساحر ؛ فيدل ذلك [ أنهم إنما عرفوا ذلك ]{[8780]} بالله تعالى ، وهو كالأنباء{[8781]} التي أتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقوله تعالى : { فأوجس في نفسه خيفة موسى } يخرّج على وجهين :

أحدهما : أخذ سحرهم بصره كما أخذ أعين الناس .

والثاني : خاف أن سحرهم يمنع أولئك عن رؤية حقيقة ما جاء به .

وقوله تعالى : { سحروا أعين الناس } أي أخذوا{[8782]} كقوله تعالى : { نحن قوم مسحورون } [ الحجر : 15 ] أي [ مأخوذة أعيننا ]{[8783]} .


[8776]:في الأصل وم: وقول موسى.
[8777]:الفاء ساقطة من الأصل.
[8778]:في الأصل وم: وكالجبال.
[8779]:ساقطة من الأصل وم.
[8780]:من م، ساقطة من الأصل.
[8781]:من م، في الأصل: كالأنبياء.
[8782]:في الأصل وم: حيروا.
[8783]:في الأصل وم: مأخوذ أعينكم.