الآية 69 وقوله تعالى : { واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح } يحتمل قوله { واذكروا إذ جعلكم خلفاء } [ وجوها :
أحدها : أنه جعلكم خلفاء ]{[8552]} قوم أهلكهم بتكذيبهم الرسل ، ولم يهلككم ، فاحذروا أنتم هلاككم بتكذيبكم الرسول كما أهلك أولئك بتكذيبهم الرسل . أو أن يقال : { جعلكم خلفاء } قوم صدّقوا رسولا من البشر ، وهو نوح ، فكيف كذّبتموني في دعوى الرسالة لأني بشر ، ودعائي إلى عبادة الله ووحدانيته ؟ هذا تناقض .
والثاني : أن اذكروا نوحا ، وهو كان رسولا من البشر ، فكيف تنكرون أن يكون الرسول من البشر ، وكان الرسل جميعا من البشر .
والثالث : أن اذكروا نعمته التي أنعمها عليكم من السعة في المال والقوة في الأنفس وحسن الخلقة والقامة ، وكان لعاد ذلك كله كقوله تعالى : { ألم تر كيف فعل ربك بعاد } { إرم ذات العماد } { التي } الآية [ الفجر : 6و7و8 ] هذا في السعة في المال . وأما القوة في الأنفس والقامة [ فهي ]{[8553]} ما ذكر في قوله تعالى : { كأنهم أعجاز نخل خاوية } [ الحاقة : 7 ] وقوله تعالى : { كأنهم أعجاز نخل منقعر } [ القمر : 20 ] وصف لهم بالقوة وطول القامة . وعلى ذلك فسّر بعض أهل التأويل .
وقوله تعالى : { وزادكم في الخلق بصطة } يعني قوة /178-ب/ وقيل{[8554]} : هو الطول والعظم في الجسم .
ذكر الله في عاد{[8555]} أشياء ثلاثة خصهم بها من غيرهم : أحدها : العظم في النفس بقوله{[8556]} تعالى : { وزادكم في الخلق بصطة } وفي القوة بقوله تعالى : { من أشد منا قوة } [ فصلت : 15 ] [ والثانية ]{[8557]} : السعة في الأموال بقوله تعالى : { بعاد } { إرم ذات العماد } [ الفجر : 6و7 ] و[ الثالثة ]{[8558]} فضل العلم بقوله تعالى : { وكانوا مستبصرين } [ العنكبوت : 38 ] .
وقوله تعالى : { فاذكروا آلاء الله } قال بعضهم : الآلاء هي في دفع البلايا ، والنعماء هي في سوق النعماء إليه .
ولكنهما واحد ؛ لأنه ما من بلاء يدفع عنه إلا وفي ذلك سوق نعمة أخرى إليه ، ولأن الله تعالى ذكر في سورة الرحمن الآلاء بجميع ما ذكر إنما ذكر على سوق النعم إليه بقوله{[8559]} تعالى : { فبأي آلاء ربكما تكذّبان } حين{[8560]} قال تعالى : { الرحمن } { علّم القرآن } { خلق الإنسان } { علّمه البيان } [ الآيات : 1و2و3و4 ] إلى [ آخر ]{[8561]} ما ذكر من السورة ، وهو ذكر في سوق النعم لا في دفع البلايا .
وقوله تعالى : { لعلكم تفلحون } إن ذكرتم نعمه ، وشكرتم له عليها ، ولم تصرفوا عبادتكم وشكركم إلى غيره ، أو يقول : لكي يلزمكم الفلاح ، أو حتى تكونوا من أهل الفلاح .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.