تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَوَعَجِبۡتُمۡ أَن جَآءَكُمۡ ذِكۡرٞ مِّن رَّبِّكُمۡ عَلَىٰ رَجُلٖ مِّنكُمۡ لِيُنذِرَكُمۡۚ وَٱذۡكُرُوٓاْ إِذۡ جَعَلَكُمۡ خُلَفَآءَ مِنۢ بَعۡدِ قَوۡمِ نُوحٖ وَزَادَكُمۡ فِي ٱلۡخَلۡقِ بَصۜۡطَةٗۖ فَٱذۡكُرُوٓاْ ءَالَآءَ ٱللَّهِ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} (69)

الآية 69 وقوله تعالى : { واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح } يحتمل قوله { واذكروا إذ جعلكم خلفاء } [ وجوها :

أحدها : أنه جعلكم خلفاء ]{[8552]} قوم أهلكهم بتكذيبهم الرسل ، ولم يهلككم ، فاحذروا أنتم هلاككم بتكذيبكم الرسول كما أهلك أولئك بتكذيبهم الرسل . أو أن يقال : { جعلكم خلفاء } قوم صدّقوا رسولا من البشر ، وهو نوح ، فكيف كذّبتموني في دعوى الرسالة لأني بشر ، ودعائي إلى عبادة الله ووحدانيته ؟ هذا تناقض .

والثاني : أن اذكروا نوحا ، وهو كان رسولا من البشر ، فكيف تنكرون أن يكون الرسول من البشر ، وكان الرسل جميعا من البشر .

والثالث : أن اذكروا نعمته التي أنعمها عليكم من السعة في المال والقوة في الأنفس وحسن الخلقة والقامة ، وكان لعاد ذلك كله كقوله تعالى : { ألم تر كيف فعل ربك بعاد } { إرم ذات العماد } { التي } الآية [ الفجر : 6و7و8 ] هذا في السعة في المال . وأما القوة في الأنفس والقامة [ فهي ]{[8553]} ما ذكر في قوله تعالى : { كأنهم أعجاز نخل خاوية } [ الحاقة : 7 ] وقوله تعالى : { كأنهم أعجاز نخل منقعر } [ القمر : 20 ] وصف لهم بالقوة وطول القامة . وعلى ذلك فسّر بعض أهل التأويل .

وقوله تعالى : { وزادكم في الخلق بصطة } يعني قوة /178-ب/ وقيل{[8554]} : هو الطول والعظم في الجسم .

ذكر الله في عاد{[8555]} أشياء ثلاثة خصهم بها من غيرهم : أحدها : العظم في النفس بقوله{[8556]} تعالى : { وزادكم في الخلق بصطة } وفي القوة بقوله تعالى : { من أشد منا قوة } [ فصلت : 15 ] [ والثانية ]{[8557]} : السعة في الأموال بقوله تعالى : { بعاد } { إرم ذات العماد } [ الفجر : 6و7 ] و[ الثالثة ]{[8558]} فضل العلم بقوله تعالى : { وكانوا مستبصرين } [ العنكبوت : 38 ] .

وقوله تعالى : { فاذكروا آلاء الله } قال بعضهم : الآلاء هي في دفع البلايا ، والنعماء هي في سوق النعماء إليه .

ولكنهما واحد ؛ لأنه ما من بلاء يدفع عنه إلا وفي ذلك سوق نعمة أخرى إليه ، ولأن الله تعالى ذكر في سورة الرحمن الآلاء بجميع ما ذكر إنما ذكر على سوق النعم إليه بقوله{[8559]} تعالى : { فبأي آلاء ربكما تكذّبان } حين{[8560]} قال تعالى : { الرحمن } { علّم القرآن } { خلق الإنسان } { علّمه البيان } [ الآيات : 1و2و3و4 ] إلى [ آخر ]{[8561]} ما ذكر من السورة ، وهو ذكر في سوق النعم لا في دفع البلايا .

وقوله تعالى : { لعلكم تفلحون } إن ذكرتم نعمه ، وشكرتم له عليها ، ولم تصرفوا عبادتكم وشكركم إلى غيره ، أو يقول : لكي يلزمكم الفلاح ، أو حتى تكونوا من أهل الفلاح .


[8552]:من م، ساقطة من الأصل.
[8553]:ساقطة من الأصل وم.
[8554]:في الأصل وم: وقال غيره.
[8555]:من م، في الأصل: عادة.
[8556]:في الأصل وم: كقوله.
[8557]:في الأصل وم: و.
[8558]:في الأصل وم: و.
[8559]:في الأصل وم: قوله.
[8560]:في الأصل وم: حيث..
[8561]:ساقطة من الأصل وم.