النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{قَالُواْ ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَۚ قَالَ إِنَّهُۥ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٞ لَّا فَارِضٞ وَلَا بِكۡرٌ عَوَانُۢ بَيۡنَ ذَٰلِكَۖ فَٱفۡعَلُواْ مَا تُؤۡمَرُونَ} (68)

قوله عز وجل : { قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ } رَوَى الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَوِ اعْتَرَضُوا بقرة ، فَذَبَحُوها ، لأَجْزَأَتْ عَنْهُم ، وَلكِنَّهُم ، شَدًّدوا ، فَشَدَّد الله عليهم " . { قَالَ : إِنَّه يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ } في الفارض تأويلان :

أحدهما : أنها الكبيرة الهَرِمَة ، وهو قول الجمهور . قال الراجز :

شيب أصداغي فرأسي أبْيضُ *** محامل فيها رجال فرض{[143]}

يعني بقوله : فُرّض ، أي هرمى{[144]} .

والثاني : أنّ الفارض التي قد ولدت بطوناً كثيرة ، فيتسع لذلك جوفها ، لأن معنى الفارض في اللغة الواسع ، وهذا قول بعض المتأخرين ، واستشهد بقول الراجز :

يا رُبَّ ذي ضغن عليّ فارض *** له قروء كقروء الحائض

والبكر : الصغيرة التي لم تحمل ، والبكر من إناث البهائم ، وبني آدم ، ما لم يفتحله الفحل ، وهي مكسورة الباء ، فأما البَكْر بفتح الباء ، فهو الفتي من الإبل .

وقوله تعالى : { عَوانٌ بَيْنَ ذلكَ } والعوان النَّصَفُ التي قد ولدت بطناً أو بطنين ، { بين ذلك } يعني بين الصغيرة والكبيرة ، وهي أقوى ما تكون من البقر وأحسنه ، قال الشاعر :

فرحن عليه بين بِكرٍ عزيزة *** وبين عَوانٍ كالغمامة ناصِفِ{[145]}


[143]:- هذا البيت ساقط من ق.
[144]:- هرمى، أي: ذوو هرم كما ورد في بعض النسخ.
[145]:- هذا البيت ساقط من ق.