قوله عز وجل : { وَإذ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الجِنِّ يَسْتَمِعُونَ القُرْءَانَ {[2640]} } فيه قولان :
أحدهما : أنهم صرفوا عن استراق سمع السماء برجوم الشهب ولم يكونوا بعد عيسى صرفوا عنه إلا عند مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : ما هذا الذي حدث في الأرض ؟ فضربوا في الأَرض حتى وقفوا على النبي صلى الله عليه وسلم ببطن نخلة عائداً إلى عكاظ وهو يصلي الفجر ، فاستمعوا القرآن ونظروا كيف يصلي ويقتدي به أصحابه ، فرجعوا إلى قومهم فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجباً ، قاله ابن عباس .
وحكى عكرمة أن السورة التي كان يقرأها ببطن نخلة { اقرأ بِاسِمِ رَبِّكَ } [ العلق :1 ] وحكى ابن عباس أنه كان يقرأ في العشاء { كَادوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً } .
الثاني : أنهم صرفوا عن بلادهم بالتوفيق هداية من الله لهم حتى أتوا نبي الله ببطن نخلة .
أحدها : أنهم جن من أهل نصيبين ، قاله ابن عباس .
الثاني : أنهم من أهل نينوى ، قاله قتادة .
الثالث : أنهم من جزيرة الموصل ، قاله عكرمة .
الرابع : من أهل نجران ، قاله مجاهد .
واختلف في عددهم على ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنهم كانوا اثني عشر ألفاً من جزيرة الموصل ، قاله عكرمة .
الثاني : أنهم كانوا تسعة أحدهم زوبعة ، قاله زر بن حبيش .
الثالث : أنهم كانوا سبعة ثلاثة من أهل نجران{[2641]} وأربعة من أهل نصيبين ، وكانت أسماؤهم حسى ومسى وشاصر وناصر{[2642]} والأرد وأنيان الأحقم ، قاله مجاهد .
واختلف في علم النبي صلى الله عليه وسلم بهم على قولين :
أحدهما : أنه ما شعر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أوحى الله إليه فيهم وأخبره عنهم ، قاله ابن عباس والحسن .
الثاني : أن الله قد كان أعلمه بهم قبل مجيئهم .
روى شعبة عن قتادة أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : « إِنِّي أمِرْتُ أَنْ أَقْرَأَ عَلَى الجِنِّ فَأَيُّكُمْ يَتْبَعُنِي ؟ » فأطرقوا فاتبعه ابن مسعود فدخل نبي الله صلى الله عليه وسلم شعباً يقال له شعب الحجون وخط عليه وخط على ابن مسعود ليثبته بذلك ، قال عكرمة وقال لابن مسعود : « لاَ تَبْرَحْ حَتَّى آتِيكَ » فلما خشيهم ابن مسعود كاد أن يذهب فذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم فلم يبرح ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : « لَوْ ذَهَبْتَ مَا التَقَيْنَا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ{[2643]} »
ولما توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم تلا عليهم القرآن وقضى بينهم في قتيل منهم . وروى قتادة عن ابن مسعود أنهم سألوه الزاد فقال : « كُلُّ عَظْمٍ لَكُم عِرْقٌ ، وَكُلٌّ {[2644]}رَوَثَةٍ لَكُم خَضِرَةٌ » فقالوا يا رسول الله يقذرها الناس علينا ، فنهى سول الله صلى الله عليه وسلم أن يستنجى بأحدهما .
روى عبد الله بن عمرو بن غيلان عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« إِنَّ وَفْدَ الجِنَّ سَأَلُونِي المَتَاع ، - وَالمَتَاعُ : الزَّادُ - فَمَتَّعْتُهُم بِكُلِّ عَظْمٍ حَائِلٍ وَبَعْرَةٍ أَوْ رَوَثَةٍ » فقلت : يا رسول الله وما يغني ذلك عنهم ؟ فقال : « إنهم لا يجدون عظماً إلا وجدوا عليه لحمه يوم أكل ، ولا روثة ولا بعرة إلا وجدوا فيها حبها{[2645]} يوم أكلت ، فلا يستنجين أحدكم إذا خرج من الخلاء بعظم ولا بعرة ولا روثة{[2646]} » .
{ فَلَمَّا حَضَرُوه{[2647]} قَالُوا أنصِتُوا } يحتمل وجهين :
أحدهما : فلما حضروا قراءة القرآن قال بعضهم لبعض أنصتوا لسماع القرآن .
الثاني : لما حضروا رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا أنصتوا لسماع قوله .
{ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ } فيه وجهان :
أحدهما : فلما فرغ من الصلاة ولوا إلى قومهم منذرين برسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال الكلبي : مخوفين : قاله الضحاك .
الثاني : فلما فرغ من قرءاة القرآن ولوا إلى قومهم منذرين ، حكاه عبد الرحمن بن أبي حاتم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.