النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيۡهِمۡ حَسۡرَةٗ ثُمَّ يُغۡلَبُونَۗ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحۡشَرُونَ} (36)

قوله عز وجل : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ } فيه قولان :

أحدهما : أنها نفقة قريش في قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر ، قاله الضحاك . والثاني : أنه أبو سفيان استأجر معه يوم أُحد ألفين من الأحابيش ومنه كنانة ليقاتل بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سوى من انحاز إليه من العرب ، قاله سعيد ومجاهد والحكم بن عيينة ، وفي ذلك يقول كعب بن مالك :

وجئنا إلى موج من البحر وسطه *** أحابيش منهم حاسرٌ ومقنع{[1191]}

ثلاثة آلافٍ ونحن نَصِيَّة *** ثلاثُ مئينٍ إن كثرنا فأربع

{ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيهِم حَسْرَةً } يحتمل وجهين :

أحدهما : يكون إنفاقها عليهم حسرة وأسفاً عليها .

والثاني : تكون خيبتهم فيما أملوه من الظفر عليهم حسرة تحذرهم بعدها .

{ ثُمَّ يُغْلَبُونَ } وعد بالنصر فحقق وعده .


[1191]:البيتان من قصيدة طويلة رد فيها كعب بن مالك على هبيرة بن أبي وهب المخزومي. ومطلع قصيدة كعب: الأهل أتى غسان عنا ودونهم من الأرض خرق سيره متنعنع والخرق: الفلاة الواسعة، ومتنعنع: مضطرب. والحاسر. الذي لادرع له ولا مغفر والمقنع: الذي لبس المغفر على رأسه. والنصية: الخيار من القوم. وقد جاءت في الأصول بقية. والتصويب من سيرة ابن هشام 3/141.